العدد 1674 - الجمعة 06 أبريل 2007م الموافق 18 ربيع الاول 1428هـ

وضعية العالم المتحسنة

مصباح الحرية comments [at] alwasatnews.com

مشروع مصباح الحرية

يشترك أعداء العولمة ودعاة المحافظة على البيئة في إبداء خشيتهم من الأعداد المتزايدة من سكان العالم والاستهلاك المتعاظم للطاقة والسلع، والتي جاءت مع النمو الاقتصادي والتغيرات التكنولوجية والتجارة الحرة، وفعلا، فقد شهد القرن العشرين ازديادا في عدد السكان، ومع ذلك، فإن عمر الإنسان قد ازداد بحيث تعدى الضعف، إذ ارتفع من سن الحادي والثلاثين في العام 1900 إلى سن السابعة والستين في الوقت الحالي. وفي كل من الهند والصين، كان عدد حالات وفيات الأطفال الرضع في كل منهما قد تجاوز 190 حالة وفاة لكل ألف حالة ولادة في أوائل الخمسينات من القرن الماضي، أما في الوقت الحالي فقد وصلت إلى 62 حالة وفاة في الهند و26 حالة وفاة في الصين. وفي الدول النامية أيضا، فقد انخفضت نسبة السكان الذين يعانون من الجوع المزمن من نسبة 37 في المئة إلى 17 في المئة بين أعوام 1970 و2001 على رغم الزيادة التي طرأت على عدد السكان في هذه الدول والتي بلغت 83 في المئة. وعلى المستوى العالمي، ازداد متوسط الدخل السنوي بالدولارات الحقيقية بمقدار ثلاثة أضعاف منذ العام 1950. وتبعا لذلك، فقد وصلت النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في فقر مدقع في الدول النامية المنتشرة في جميع أنحاء العالم إلى النصف منذ العام 1981، إذ هبطت من نسبة 40 في المئة إلى 20 في المئة. كما انخفضت عمالة الأطفال في الدول ذات الدخل المنخفض من 30 في المئة إلى 18 في المئة في السنوات التي امتدت من العام 1960 والعام 2003.

و بالمستوى نفسه من الأهمية، أصبحت دول العالم أكثر علما وثقافة بوتيرة لم تشهدها من قبل على الإطلاق. فمن الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية أصبح الناس أكثر حرية في السعي نحو رفاهيتهم وفق ما يروق لهم. وهناك الكثير من الشعوب الذين يقومون باختيار حكامهم ويتمتعون بحرية التعبير، فهم، بشكل أكثر احتمالا، يعيشون تحت حكم القانون.

ولم يسبق أبدا وأن كانت التنقلية (أو حرية التنقل) الاجتماعية والمهنية أكبر مما هي عليه الآن إذ أصبح، وبشكل أكثر سهولة من ذي قبل، على الناس في مختلف بقاع العالم أن يتجاوزوا الروابط الطبقية ومكان الولادة وجنس المولود. فالأفراد، في الوقت الحالي، يعملون بساعات أقل عددا ولديهم أموالا بمقادير أكبر ويتمتعون بصحة أفضل والتي تتيح لهم أن يتمتعوا بأوقات فراغهم وراحتهم أكثر من أسلافهم. يعتبر سجل الإنسان السابق بشأن البيئة أكثر تعقيدا. ومن الممكن أن تكون مراحل التطور الأولى للإنسان قد تسببت ببعض التدهور البيئي فعلا بما أن المجتمعات البشرية كانت عندئذ منهمكة في مشكلات من الدرجة الأولى كان لها تأثير على رخاء الإنسان. وتشتمل تلك المشكلات على الجوع وسوء التغذية والأمية ونقص التعليم وخدمات الرعاية الصحية الأساسية والمياه السليمة والصحة العامة والانتقالية ومصادر الطاقة الجاهزة.

ولأن الثروات الأضخم هي التي تعمل على التخفيف من هذه المشكلات وتقوم في الوقت نفسه بتوفير وسائل راحة أساسية للمخلوقات البشرية، فإن الأفراد والمجتمعات يركزون بشكل مبدئي على التطور الاقتصادي وهم يقومون، في غالبية الأحيان، بإهمال الجوانب الأخرى من جوانب الجودة النوعية للبيئة. وعلى رغم ذلك، فقد أقروا، في الوقت نفسه، بأن التدهور البيئي سيعمل على التقليل من جودة حياتهم. وتبعا لذلك، قاموا بتخصيص المزيد من الثروة التي اكتسبوها حديثا وكذلك تخصيص المزيد من رأس المال البشري في سبيل التطور ولتطبيق تقنيات تكنولوجية تعتبر أكثر نظافة للبيئة، الأمر الذي عمل على استحداث عبور بيئي ينتقل بواسطة تلك القوتين التوأمين وهما التطور الاقتصادي والتقدم التكنولوجي واللتان قامتا بالبدء في توفير الحلول للمشكلات البيئية بدلا من أن تقوما بخلق تلك المشكلات. ولكن ما هو السبب وراء تخلف بعض أنحاء العالم بينما الأنحاء الباقية تشهد ازدهارا ونجاحا قويا، ولماذا توقفت تلك التحسينات التي جرت في مجال رفاهية الإنسان في مناطق معينة كالمناطق التي تقع جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية والعالم العربي؟

إن السبب التقريبي لتلك التحسينات التي طرأت على رفاهية الإنسان هو بفعل «دورة التقدم» والتي تتألف من القوتين الداعمتين المشتركتين (التطور الاقتصادي والتقدم التكنولوجي). غير أن تلك الدورة نفسها قد جرى تحريكها من قبل شبكة من المؤسسات الأساسية وخصوصا حقوق الملكية والأسواق الحرة وحكم القانون. كما أن هناك مؤسسات أخرى مهمة تضم أساليب مستندة إلى العلم والمعرفة وإلى التكنولوجيا، كلها تعمل على حل المشكلات وقد تم تأسيسها اعتمادا على الشكوكية (أو النزوع إلى الشك)؛ وعلى التجريب؛ وعلى التقبلية للتقنيات التكنولوجية والأفكار الجديدة والتجار الحرة.

على رغم كل هذا التقدم وهذه الأخبار الجيدة، مازال هناك، فوق ذلك، الكثير ما لم يتم إنجازه. فهناك الملايين من الناس يموتون بسبب الجوع وسوء التغذية وأمراض قابلة للوقاية والعلاج كالملاريا والسل والإسهال. وهناك أيضا ما يزيد عن مليار إنسان ما زالوا يعيشون في فقر مدقع. كما أن ثلث عدد سكان العالم المؤهلين للدخول في المدارس الثانوية ما زالوا غير مسجلين فيها. أما الحواجز التي يتم وضعها أمام العولمة وأمام التطور الاقتصادي والتغير التكنولوجي كاستخدام، مثلا، مادة الـ»دي. دي. تي» للقضاء على مرض الملاريا واستخدام هندسة الجينات والتكنولوجيا الحيوية، فهي التي تشكل المصدر الأكبر للمشكلات.

*عالم مختص بشئون العولمة والبيئة

والمقال ينشر بالتعاون مع «مصباح الحرية»

إقرأ أيضا لـ "مصباح الحرية"

العدد 1674 - الجمعة 06 أبريل 2007م الموافق 18 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً