العدد 1671 - الثلثاء 03 أبريل 2007م الموافق 15 ربيع الاول 1428هـ

هل يطبق ديوان الخدمة المدنية قانونه؟ نظام الجدارة مثالا

عبدالحسن بوحسين comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تحدثنا في الجزء الاول من المقال عن آليات الاختيار في التوظيف مستعرضين ثلاثة نماذج هي:

- نظام الجدارة - الجمع بين الحصص والجدارة - ونموذج المحاباة او مايطلق عليه احيانا نموذج اقتسام الغنائم. واوضحنا ايجابيات وسلبيات كل نموذج. كما تطرقنا الى نظام الجدارة في التشريع البحريني مستعرضين نصوصا من ميثاق العمل الوطني، والدستور، وقانون الخدمة المدنية حيث اكدت هذه النصوص القانونية جميعها على ان التشريع في مملكة البحرين يقضي بالعمل بنظام الجدارة تحقيقا لمبادئ العداله والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين. كما تطرقنا الى مانص عليه قانون الخدمة المدنية من احكام تفعل هذه المبادئ الدستورية بتبني آلية الاعلان عن الوظائف ووضع نظم الاختبارات الوظيفية.

وفي هذا الجزء من المقال نتطرق الى تطبيقات ديوان الخدمة المدنية، والنموذج الذي يديره، ومدى تناسب هذا النموذج مع المبادئ القانونية في مملكة البحرين.

فما هو موقع ديوان الخدمة المدنية من كل ما تقدم؟

تنص المادة (83) من قانون الخدمة المدنية على ان تصدر اللائحة التنفيذية والقرارات المنفذة للقانون خلال ستة أشهر من تاريخ العمل به، والى ان تصدر هذه اللائحة والقرارات يستمر العمل بالانظمة والقرارات والتعاميم السارية وقت العمل بأحكام هذا القانون، واشترطت المادة على ان لا يتعارض ذلك مع احكامه. لقد صدر قانون الخدمة المدنية في 30 يوليو من العام 2006، ولم يصدر ديوان الخدمة المدنية لائحتة التنفيذية خلال المدة التي حددها القانون، مما يعني مخالفة صريحة من قبل ديوان الخدمة المدنية الذي استمر في العمل بقرارات وانظمة تتعارض مع احكام القانون. فمثلا تنص المادة (3) من القانون على ان تضع اللائحة التنفذية القواعد والضوابط الخاصة بانواع الامتحانات المقرره بحسب طبيعة الوظيفة والمؤهلات والمهارات المطلوبة لشغلها.

كما نص القانون في المادة (14) على وجوب الاعلان في وسائل الاعلام المحلية وفقا للضوابط والاجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية. التي تحدد ايضا قواعد الترقية وآلية وضوابط تشكيل لجان التحقيق وحماية الموظف من الفصل التعسفي، ووجوب احالة الموظف الى مجلس تأديب قبل فصله على ان تبين اللائحة التنفيذية للقانون الاجراءات المتبعة من قبل مجلس التأديب. وحماية لحقوق الموظف من القرارات التعسفية نصت المادة (80) على وجوب تشكيل لجنة في كل جهة حكومية للنظر في حقوق الموظفين وفقا للقواعد والاجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية. ان عدم قيام ديوان الخدمة المدنية بالاعلان عن اصدار اللائحة التنفيذية على رغم انتهاء المدة التي حددها له القانون يشكل مخالفة من قبل الديوان لقانون اوكلت له مهمة تطبيق احكامه. وهذا يعني ان الديوان يدير شئون الخدمة المدنية في المملكة دون وجود قواعد واجراءات منفذه للقانون بصيغته الجديدة التي تختلف في كثير من احكامها عن الانظمة والقرارات السارية المفعول قبل صدور القانون. وحيث ان ديوان الخدمة المدنية لا يعلن عن الوظائف الشاغرة في الاجهزة الحكومية الاما ندر، ولم يطبق المادة (3) من القانون المتعلقة بوضع نظام للاختبارات فإنه لا يطبق نظام الجدارة ومبادئ تكافؤ الفرص التي نص عليها ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين مما يعد مخالفة قانونيه صريحة. وبما أن الديوان لا يتبنى اي من النموذجين (أ) و(ب) المذكورين في الفقرة (2) بخصوص آليات الاختيار المشار اليهما في هذا الموضوع فإن اقرب نموذج لممارسات الديوان هو النموذج (جـ) اي نظام المحاباة Spoils System بكل سلبياته المشار اليها. من جهة اخرى فإن عدم وجود لائحة تنفيذية يعني عدم توفر الضوابط المتعلقة بتشكيل لجان التحقيق لحماية الموظف من القرارات التعسفية وكذلك الاجراءات المتعلقة بتشكيل مجلس التأديب كما نصت عليه المادة (66) من القانون.

ان ديوان الخدمة المدنية يخالف قانونا استمدت احكامه من الدستور الذي يمثل توافقا رائعا بين القائد وشعبه بعد التصويت الساحق على ميثاق العمل الوطني. من هنا تكمن خطورة هذه التجاوزات على مجمل عملية الاصلاح الاداري والسياسي والاقتصادي. فعلاوة على المساس بمستوى ونوعية الاداء في كافة الاجهزة الحكومية، وفتح الباب واسعا امام المحسوبية والمحاباة، فإنها تقوض جهود الاصلاح الاداري اللازمة لعملية الاصلاح الاقتصادي وتفاقم من ظاهرة العصبية التي تتقاطع جميعها مع المصلحة الوطنية العليا ومع مبادئ التضامن والتكافل والتراحم التي نصت عليها المادة (4) من دستور مملكة البحرين، والتي حرص المشروع الاصلاحي على حمايتها كما اكده اول خطاب وجهه جلالة الملك حفظه الله الى شعبة غداة توليه تقاليد الحكم في البلاد.

إن اي اصلاح سياسي لا يواكبه اصلاح اداري موازيا له يكون ناقصا، من هذا المنطلق تكون الحاجة ماسة لاصدار مشروع قانون الرقابة الاداريه الذي وافق عليه مجلس الشورى في الفصل التشريعي الاول واحالة الى الحكومة التي قامت بأحالته الى مجلس النواب الذي احتفظ به حتى نهاية الفصل التشريعي، ولم يتم اصداره وذلك خلافا لما نص عليه الفصل الثالث من ميثاق العمل الوطني الذي نص على مايلي:

« يجب ان يصاحب الانفتاح الاقتصادي تغيير في تفكير الادارة العامة نحو تبسيط الاجراءات والشفافية والقضاء على التداخل في المسئوليات، وتحسين مستوى الخدمات، وتحديث التشريعات الاقتصادية، وان تحكم كل ذلك معايير النزاهة وتكافؤ الفرص. ومن اجل تفعيل ادوات المراقبة المالية والادارية، وزيادة الشفافية في العمل في كافة ادارات الدولة، يصبح من اللازم انشاء ديوان للرقابة المالية واخر للرقابة الادارية.

ان انشاء ديوان للرقابة الادارية سيحد من تجاوزات القوانين كما فعل ديوان الخدمة المدينة عندما قام بشغل مايقارب من 1800 وظيفة عام 2006 في مختلف الاجهزة الحكومية معززا بذلك سياسة البحرنه كما يفهما الديوان ويطبقها بطريقته الخاصة، اي من دون الاعلان عن الشواغر اوتقييم كفاءة المتقدمين اليها بأتباع نظام الاختبارات الوظيفية، مخلا بذلك ايضا بمبدأ الشفافية المنصوص عليها في الميثاق.

ان السلطة التشريعية مدعوة لان تلعب دورها وتتطلع بمسئولياتها في تفعيل القوانين والتشريعات والرقابة على تنفيذها لكي لا تكون هذه التشريعات من دون جدوى، فيفقد المواطن ثقته في تجربته الديمقراطيه. فالوطن أمانة في اعناقنا جميعا، ومن يهمه أمنه واستقراره لا يفرط في تطبيق قوانينه وتشريعاته، فهذه جميعا تشكل القاعدة الاساسيه لنظامنا السياسي الذي نعتز به».

ان ثقتنا كبيره في الروح الوطنية لدى القائمين على شئون الخدمة المدنية، ولكن يبقى السؤال قائما، ماهي ياترى الاسباب التي تمنع ديوان الخدمة المدنية من تطبيق احكام قانونه؟

سؤال نطمح من الديوان الاجابة عليه.

إقرأ أيضا لـ "عبدالحسن بوحسين"

العدد 1671 - الثلثاء 03 أبريل 2007م الموافق 15 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً