يعرف نظام الجدارة MERIT SYSTEM على انه نظام للتعيين والترقية على اساس من الكفاءة بدلا من اعتماد أسس الانتماء السياسي او الولاء الحزبي. Political Affiliation ، او ما يعرف بنظام الرعاية السياسية Political Patronage، والتي على اساسه يتم توزيع الوظائف الحكومية كمكافأة لمنتسبي الحزب ومناصريه، دونما اعتبار لمعيار الكفاءة والجدارة وحقوق المواطنة والمساواة.
وقد اثبتت التجارب في كثير من الدول ان اغفال نظام الجدارة مدمر لكفاءة الجهاز الحكومي ولسمعته وقدرته على الاطلاع بدوره، وفي ذلك عرقلة لجهود التنمية الاقتصادية . ففي الولايات المتحدة الامريكية مثلا تم الغاء نظام المحاباة Spoils System العام 1870 ضمن حركة لإصلاح الخدمة المدنية حيث صدر عام 1883 قانون بندلتون الذي اعتمد نظام الجدارة وعمل بنظام الامتحانات والمنافسة لتقييم كفاءة المرشحين ضمن نظام للمحاصصة يستند على الكثافة السكانية وتحت شعار مزيد من الخبرات وقليل من تسييس المناصب الحكومية غير السياسية. وقد تطور هذا النظام في القرن الماضي لما يعرف الآن بنظام EEO أي تساوي فرص العمل.
آليات مختلفة للاختيار
أ.نظام الجدارة: MERIT SYSTEM
من متطلبات تطبيق هذا النظام الذي يستند في جوهره إلى نصوص دستورية وقانونية، مايلي:
- الاعلان عن الوظائف الشاغرة ضمن مفهوم الشفافية وحرية توفير المعلومات.
- وضع آلية لاختبار قدرات المتقدمين ضمن مفهوم المنافسة.
- تشكيل لجان محايدة لضمان النزاهة في الاختيار.
ب. نظام الجمع بين الكوتا والجدارة.
وهذا النظام يجمع بين الحصص والجدارة للتأكد من عدم التضحية بالكفاءة عند العمل بنظام الحصص، كما يضمن الحياد والحد من ممارسات التمييز التي ربما لا يمكن ضبطها باعتماد نظام الجدارة وحده.
وقد انبثق هذا النظام من مبدأ المساواة المسمى بـ Affirmative Action والذي هو عبارة عن مجموعة من السياسات الهادفة للقضاء على التمييز بكافة اشكاله. ففي الولايات المتحده الامريكية مثلا انبثق هذا النظام عام 1965 في عهد الرئيس الامريكي لندون جونسون الذي اصدر قرار اداريا للتأكيد على معاملة المواطنين عند التوظيف دونما اعتبار للاصل او الجنس اواللون. وعلى اثره تشكلت جمعيات غير حكومية لمراقبة تنفيذ هذه السياسات على المستوى الوطني. ويعتبر نظام الكوتا وسيلة لتمكين الفئات المحرومة من المساواة في المجتمع والتي لا تستطيع نيل الحقوق الدستورية وحقوق المواطنة بالطرق التقليدية بسبب الاساليب التي تتبعها الاجهزة التنفيذية للالتفاف على القانون.
جـ. نظام المحاباة Spoils System وهو الذي يتم من خلاله توزيع الوظائف الحكومية كمكافأة لاعتبارات سياسية ودونما اعتبار لحقوق المواطنة التي تنص عليها احكام الدستور او القوانين المحلية والاتفاقيات والعهود الدولية. ويتجاهل هذا النظام مبدأ تكافؤ الفرص وقوانين عدم التمييز. وعادة مايترتب العمل بهذا النظام عن انحدار في مستوى اداء المؤسسات الحكومية ويساهم في انتشار الفساد والمحسوبية التي تؤثر بدورها على جهود التنمية الاقتصادية، وتزعزع ثقة المواطن في اجهزته الادارية ونظامه السياسي ومن ثم اضعاف روح الولاء والانتماء. من هنا تكمن خطورة العمل بهذا النظام التي اثبتتها تجارب كثير من الدول، حيث الاستئثار والخوف من عدم توفر عنصر الولاء يجذر الشعور بعدم الولاء بأنتفاء عامل الفائدة والمصلحة من موالاة النظام السياسي، والعكس صحيح.
نظام الجدارة في التشريع البحريني:
- ميثاق العمل الوطني: يستند نظام الجدارة على اسس دستورية تنص على حقوق المواطنة التي تعتمدها كل الدساسيرالعالمية والقوانين الدولية ومن ضمنها حقوق المساواة والمعاملة العادلة. ففي مملكة البحرين اعتبر الفصل الاول من ميثاق العمل الوطني المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين من اهداف الحكم واساسه ومن المقومات الاساسية التي لا يجوز لاي من السلطات الخروج عنها او تجاوزها . واعتبرها من القيم الرفيعة التي تتمسك بها مملكة البحرين ويقع على الدولة عبئ كفالتها للمواطنين جمعيا.
الدستور
نص دستور مملكة البحرين في المادة الرابعه من الباب الثاني على ان العدل اساس الحكم وان تكافؤ الفرص بين المواطنين من دعامات المجتمع التي تكفلها الدولة، كما نصت المادة (16) على تساوي المواطنين في تولي الوظائف ونصت المادة (18) على تساوي المواطنين ولا تمييز بينهم بسبب الجنس او الاصل او اللغة او الدين او العقيدة. واعتبر الدستور هذه المبادئ من صلب جوهر الحق والحرية التي لا يجوز ان ينال منها او ينتقصها اي تنظيم. ونصت المادة (16) من الدستور على تساوي المواطنين في تولي الوظائف العامة وتركت للقانون تنظيم شروطها.
قانون الخدمة المدنية
على هذه الخلفية تضمن قانون الخدمة المدنية رقم (35) الصادر في 30 يوليو/تموز 2006 الآليات التي تفعل مبادئ الجدارة والمساواة حيث اشترطت المادة (13) من الفصل الثاني لزوم اجتياز من يعين في احدى الوظائف الامتحان الخاص لشغل الوظيفة مع الزام ديوان الخدمة المدنية في المادة (14) بالاعلان عن الوظائف الشاغرة في وسائل الاعلام المحلية. كما نصت المادة (25) من الفصل الرابع على وجوب استناد الترقية على اساس الجدارة التي تبنى على عناصر الاداء والخبرة والمؤهل العلمي والأقدمية. (يتبع)
إقرأ أيضا لـ "عبدالحسن بوحسين"العدد 1669 - الأحد 01 أبريل 2007م الموافق 13 ربيع الاول 1428هـ