في المنامة، في الأسبوع قبل الماضي، كان لدينا ضيوف برئاسة ديفيد هاريس، إذ كان في الدوحة قبل مجيئه إلى المنامة على رأس وفد اللجنة اليهودية الأميركية! وتم استقباله من قِبل مسئولين رفيعي المستوى في البلدين.
وحين تطرقنا إلى الزيارة «السرية» جاءنا الرد: من أجل تبادل وجهات النظر! وهل في أمر التطبيع واستقبال الوفد سيئ الصيت وجهات نظر؟
في تونس، قامت السلطة بجمع نُسخ العدد (398) من الصحيفة المؤرخ بيوم الجمعة 23 مارس/ آذار 2007 من جميع الأكشاك، إذ تضمن العدد المذكور، خبرا وصورة عن اجتماع برلماني تونسي - إسرائيلي على هامش اجتماعات المجلس البرلماني الأورومتوسطي الأخير.
بينما ينشط قادة الكيان الصهيوني ومنظمات ولوبيات الضغط الصهيونية في أميركا والعالم أجمع؛ لدمج الكيان الصهيوني في منظومة المنطقة العربية والإسلامية وما يسمى الشرق الأوسط الجديد - فيما كل ذلك يجري - إلا أن منظمات مقاومة التطبيع العربية والخليجية ومنظمات المجتمع المدني والتنظيمات السياسية العروبية والإسلامية تغط في سبات عميق.
ففي البحرين لم نسمع أو نقرأ عن بيان أو أي أمر آخر فيما يخص زيارة وفد اللجنة اليهودية الأميركية واستقباله بالمنامة!
هذا النشاط التطبيعي، يُعيد إلى الأذهان قصص التحضير السياسي والنشاط الدبلوماسي مذ مؤتمر «بازل» في العام 1897، الذي اجتمعت فيه القيادات الصهيونية في العالم. ومذ ذلك التاريخ وهم يعملون بطرق مرحلية، أي كلما انقضت مرحلة جاء أوان مرحلة أخرى... حتى الوصول إلى إعلان الوعد المشئوم (بلفور 1917)، وقد لعبت القوى الصهيونية في العالم، والمؤتمر الصهيوني دورا بارزا في إصدار هذا «الوعد». بعد ذلك، انهمرت الهجرات اليهودية بقيادة العصابات الصهيونية (شتيرن، الارجون،...) على أرض فلسطين.
وفي العام 1947 كان الظلم الشهير الذي تمحور في قرار صادر عن الأمم المتحدة يقضي بتقسيم فلسطين، وتم تكريس الكيان الدخيل وشرعنته دوليا ومنحه 55 في المئة من أرض فلسطين! وكان للمؤتمر الصهيوني وجماعات الضغط اليهودية الدور الأبرز في إصدار القرار وموافقة جميع الدول الكبرى عليه.
أما المرحلة الثالثة - التي سبقها تحضير سياسي على مستوى دولي - فساهمت فيها فرنسا وبريطانيا وهي ما أطلق عليها العدوان الثلاثي على مصر، وتلتها بعد ذلك حرب يونيو/ حزيران 1967، تلك هي مرحلة توسع الكيان الصهيوني واحتلاله القدس والجولان والضفة الغربية وسيناء.
وقبل كل مرحلة من مراحل الصراع مع العدو الصهيوني، هناك جماعات وقوى ضغط صهيونية تقوم بنشاط مكثف (سياسي ودبلوماسي) للتهيئة لما هو قادم.
اليوم، تقوم الجماعات وقوى الضغط الصهيونية ذاتها بالتحضير السياسي والدبلوماسي ذاته في الدول العربية من أجل التطبيع مع الكيان الصهيوني. إلا أن المجتمعات العربية رافضة خيارات الحكومات العربية...
من المفيد استثمار هذا الرفض الجماهيري من قِبل جماعات مقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني، وعلينا الانتباه إلى خطورة الوضع الحالي، إذ عربة «حمار التطبيع» تسير وفق خطط مدروسة، والتصدي لها يجب أن يكون مدروسا أيضا. وعلى الجمعيات التي حملت راية مقاطعة الكيان الصهيوني ومقاومة التطبيع ألا تغط في سبات عميق لا توقظها منه إلا قرقعة أقدام الصهاينة في ضواحي المنامة وتونس وجميع العواصم العربية!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1662 - الأحد 25 مارس 2007م الموافق 06 ربيع الاول 1428هـ