العدد 1662 - الأحد 25 مارس 2007م الموافق 06 ربيع الاول 1428هـ

شكرا مواكب عاشوراء

الشيخ محمد الصفار mohd.alsaffar [at] alwasatnews.com

إلى اليوم الثامن والعشرين من شهر صفر الماضي ذكرى وفاة الرسول (ص) تكون مواكب العزاء في نهاية موسمها للعام 1428هـ، لتستقبل ما تبقى من العام في الاستعداد للأعوام المقبلة، ولتبدأ مع السنة الجديدة بجهد رائد وعمل رائع وعطاء متجدد لصاحب المسيرة وإمامها أبي عبدالله الحسين (ع).

فشكرا لجهودكم التي بذلت ولقطرات عرقكم التي تصببت، شكرا لدموعكم المنثورة، شكرا لصدوركم الموجوعة، شكرا لحناجركم المتعبة، ولأكفكم المرتفعة، شكرا لأقدامكم الثابتة، ولقلوبكم المتيقنة، شكرا لعنائكم وتعبكم وسهركم.

شكرا لكم فأنتم حيوية المناسبة وشارعها العام وجمعها المهيب، أنتم اليوم وكما كنتم فيما سلف جزء لا يتجزأ من مناسبة عاشوراء، وجزء لا يتجزأ من برامجها، أنتم إلى جانب الخطباء والأدباء والشعراء والكتاب جميعا على خط الفداء لأبي الأحرار الحسين بن علي (ع).

مازلنا نسمع هدير أصواتكم يملأ الفضاء، فتعمر الفرحة نفوسنا، لأن نداءه (ع) أما من ناصر ينصرنا؟ يتابع بصرخاتكم «لبيك يا حسين»، ومازلتم المشهد الذي لا تبدله الأيام ولا تغيره السنون، بل يزداد ولاء وفداء وحبا ووله في الحسين(ع).

إننا نمتلئ فخرا بكم حين تحيلون فضاءنا أيام عاشوراء ولاء للحسين، وحين ترسلون سلامنا وعزاءنا لمرقد الحسين في كربلاء، وكأنكم تُشهدون العالم على ولاء الأرض والتراب والهواء والحيز الذي تُوجَدون فيه بحجره وشجره وبشره ومدره لأبي الأحرار الحسين (ع). وحيث انتم أمل نفوسنا، فقد نعلق عليكم ما يزحمكم ويثقل كواهلكم، ولكنكم أهل لخدمة الحسين(ع) وخدمة محبيه، فالحسين لم ينته بانتهاء عاشوراء، وقضيته لم تنتهِ بانتهاء اليوم العاشر من المحرم، نعم تغير الأسلوب، وتغيرت الوسيلة، وربما غاب الحسين كجسد، لكن القضية حملت مع السبايا واستمرت تتحرك في التاريخ إلى أن وصلتنا طرية ندية ومؤثرة، وما يرجى من مواكب العزاء هو أن تكون كذلك.

لكل موكب قيمة:

من المفيد لمجتمعنا أن يكون لكل موكب شعارا يتبناه على مدى العام إلى أن يحل شهر محرم القادم، وليكن هذا الشعار قيمة من القيم الدينية والأخلاقية، كقيمة التضحية أو الصلاة أو العفة أو الصبر أو الوفاء أو الصدق أو غيرها من القيم التي يمكن استفادتها من حركة الحسين (ع)، وبعد أن يعتمدها شعاره يبدأ حركة التبشير بتلك القيمة عبر المقالات والندوات والمحاضرات وتأليف الكتب وإعادة الطباعة لما يتناول تلك القيمة ويبحثها من الكتب والدراسات، والأهم من ذلك أن يحاول القائمون على المواكب أن يتلبسوا بها ويطبقوها في حياتهم ليكونوا قدوة للناس ومثالا حيا للقيم في نفوسهم.

مساهمات اجتماعية:

الطاقات والكفاءات العاملة في مواكب العزاء ليست قليلة، وقدرتها على الإنجاز والإبداع تحوز تقدير المجتمع، والمأمول فيها بعد انتهاء شهري محرم وصفر، أن تتجه في العشرة أشهر المقبلة إلى المساهمة في بناء مجتمعها، فلو أن كل موكب من المواكب تبنى مشروعا اجتماعيا، أو وظف نفسه لخدمة مشروع اجتماعي قائم لشهدت تلك المشروعات قفزة متقدمة في أدائها وعطائها، ولعمّ خيرها غالبية المتأملين فيها من أبناء المجتمع.

إن الحسين (ع) خرج لطلب الإصلاح في أمة جده (إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي)، وأحد مصاديق الإصلاح الاجتماعي هو التعاون من أجل سد ثغرة من ثغرات المجتمع.

توعية داخلية:

من الضروري ألا تنشغل المواكب عن تثقيف العاملين فيها بالثقافة الدينية السليمة، عقدية كانت أو غيرها ما يفيد العاملين فيها، ويعود عليهم بالبركة والنفع في دنياهم وأخراهم، إن سعي هؤلاء الشباب للتكامل والوصول إلى أعلى درجات الوعي، سيعطيهم بعدا آخر في نفوس الناس، وسيساعد في قدرتهم على التأثير الايجابي في أصدقائهم من خارج الموكب، كما سيمكنهم من احتواء الشباب الذين يشاركونهم العزاء في المواكب ممن لم ينالوا رعاية دينية وتوجيهية كافية.

إن الوعي والثقافة وفهم القضايا الدينية بشكل ممنهج وسليم يساعد كثيرا في تسديد خطى الإنسان واستقامته، وقدرته على الإقناع بمنهجه الصحيح قال تعالى في كتابه الكريم: «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ» (الزمر: 9).

مواكبة العصر:

لن تتغير مصيبة الحسين ولن تغيّر الأيام صورة الحادثة التي وقعت في كربلاء سنة 63 للهجرة، لكن الزمن اليوم قد تغير، ووسائل التعليم والتعريف والعرض فيه تغيرت، فلا بد من المواكبة لتطوراته وتقدمه، لنكون أفضل وأتقن وأحرص من يصر على نجاح عرضه لقضيته، هذا التطلع أجدكم الأجدر بتحقيقه في إنتاجكم وبرامجكم الإعلامية المنتظرة والمواكبة لحركة الزمان ووعي الإنسان.

إقرأ أيضا لـ "الشيخ محمد الصفار"

العدد 1662 - الأحد 25 مارس 2007م الموافق 06 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً