أجل، إنها مظلومة... مظلومة.
وأعني بها «مدرسة المباركة العلوية» في الخميس، التي شاء لها القدر أن تطمس، مبنى ومعنى...
«مع سبق الإصرار والترصد».
أما المبنى، فقد تحول الى كومة من الأحجار والتراب والأخشاب، بعد أن مضى على إنشائه أكثر من 75 عاما، من دون أن تمتد له يد الصيانة والتعمير لكي تعيد إليه مكانته التاريخية كمعلم من معالم هذا البلد العريق، ورمز من رموزه، وصرح علمي لا يمكن تجاهله أو شطبه من خريطة المعالم التراثية والصروح العلمية، بعد أن خرج أجيالا وأجيالا صاروا من رجالات الوطن الأوفياء.
وأما المعنى، فقد شمله التزوير المتمثل في إطلاق اسم (المدرسة الحكومية) ثم (مدرسة الخميس) بعد أن كان (مدرسة المباركة العلوية) وهو الاسم الذي يصر أبناء البحرين المخلصون ويطالبون بإبقائه كما تقتضي ذلك الأمانة التاريخية والوطنية، أسوة بمدرسة «الهداية الخليفية» في المحرق التي احتفظت بمبناها ومعناها حتى اليوم، ذلك أن المعالم التاريخية ملك للوطن كله ولا يجوز العبث به أو إهماله، وهنا يفسر السعي الحثيث للمحافظة على البيوت التاريخية وصيانتها سواء في المنامة أو المحرق أو غيرها، حيث ترصد الموازنات السخية لهذا الغرض، وهو شيء حسن ومطلوب، شريطة أن لايكون هناك أي تمييز بين هذا المعلم أو ذاك، سواء كان في مدينة أو قرية، أو غير ذلك من الاعتبارات.
لقد ناشدنا أكثر من مرة وزارة التربية بشأن صيانة مبنى مدرسة الخميس (المباركة العلوية) والمحافظة على هيكله التاريخي، حيث تمت تلك المناشدات في عهد أكثر من وزير لهذه الوزارة، دون أن نتلقى جوابا بهذا الشأن، اللهم إلا رد شفهي واحد من أحد مسئولي التربية الذي أفاد قبل سنوات بأن المبنى سيصان ويستخدم متحفا تربويا، فاستبشرنا خيرا، ولكن مضت السنوات، من دون أن يجسد هذا الوعد على صعيد الواقع، على رغم المناشدات المتكررة بهذا الشأن في الصحافة المحلية ووسائل أخرى، وآخرها الرسالة التي قدمتها شخصيا الى وزير التربية قبل نحو عامين أثناء الاحتفال التكريمي الذي جرى في مدرسة (الخميس) متضمنة الطلب السابق «الصيانة»، إضافة الى إعادة الاسم التاريخي لهذه المدرسة «المباركة العلوية» ولكن حتى هذه اللحظة لم تكن هناك أية مساع جدية تتعلق بهذا الموضوع... واعجباه.
إن وزراة التربية وغيرها من الجهات ذات العلاقة مطالبة بإعطاء هذا الموضوع ما يستحق من اهتمام كاف لتتبوأ مدرسة (المباركة العلوية) وكذلك «الجعفرية» ماهي جديرة به من مكانة تاريخية، وبهذا نكون أوفياء لتاريخنا الناصع، مشكورة جهودنا في المحافظة على تراثنا العزيز. وأعتقد أنه ليس هناك عذر يقتضي الاهمال والتقصير في هذا الجانب، فالوطن للجميع، وتراثه أمانة بين أيدينا، علينا المحافظة عليه لأجيالنا القادمة، لتنقله بدورها الى الأجيال التي بعدها وهكذا...
«اللهم إني قد بلغت، اللهم اشهد».
إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"العدد 1659 - الخميس 22 مارس 2007م الموافق 03 ربيع الاول 1428هـ