العدد 1658 - الأربعاء 21 مارس 2007م الموافق 02 ربيع الاول 1428هـ

الملك عبدالله وتحدّيه أمام الكونغرس

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

جاءت كلمة الملك عبدالله الثاني ملك الأردن التي ألقاها في جلسة مشتركة للكونغرس في غاية الذكاء والشجاعة. فقد استغل الوضع كونه الزعيم العربي الرابع الذي أتيحت له فرصة كهذه ولذلك اختار أن يقوم بتصرفات غير متوقعة.

بعض المراقبين توقعوا أن تعليقاته ستتمركز بشأن العراق أو أنه سيوجه نداء يطالب فيه المزيد من المساعدات الأميركية لبلاده الآن والعمل على توفير المأوى إلى حوالي مليون لاجئ عراقي، إلا أنه لم يفعل ذلك، ولم تلق ملاحظاته التي قدّمها أي داع للتصفيق. عوضا عن ذلك، فقد سلط الضوء في خطابه على قضية مهمة وعاطفية وهي الحاجة الملحة لإيجاد حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

الحجج التي استخدمها كانت مقنعة. فإن العراق قضية حرجة ولكن، كما أشار الملك عبدالله، هي ليست القضية الأساسية التي تشعل المنطقة بأكملها.

إن «منبع الانقسام الإقليمي وسبب مشاعر الاستياء والإحباط يعود إلى إنكار ورفض العدالة والسلام في فلسطين»، كما أشار الملك عبدالله. واستنتج أن «هذه هي القضية الأساسية محدثة نتائج وخيمة في المنطقة وفي العالم أيضا».

وفي أثناء ملاحظاته، تحدّث عن الحقوق الفلسطينية مستخدما كلمات قلما تسمع في قاعات المؤتمر. وتكلم «كصديق لا يمكنه الصمت»، وتحدّث عن «ستين عاما من انتزاع الملكية الفلسطينية» وعن «أربعين عاما تحت الاحتلال»، السبب في خلق «تراث مرير من الإحباط واليأس». وقد طالب الكونغرس بدعم الجهود «لاسترجاع فلسطين، شعب يائس وبلا أمل».

الملك عبدالله جعل من ملاحظاته هذه تحدّيا أخلاقيا وسياسيا، مذكرا الأميركان بمواقفهم الخطيرة في الرأي العام العالمي. وذكر أنه أحيانا يتساءل المسلمون والعرب فيما إذا كان الغرب حقا يصدق بما يقول عن المساواة والاحترام والعدالة المتساوية»، وتابع قائلا: إنه «لا شيء يمكنه أن يؤكد رؤية أميركا الأخلاقية بوضوح أكثر، ولا شيء يمكنه أن يعلم الشباب في العالم بشكل مباشر أكثر من قيادتكم وذلك من خلال عملية من شأنها أن تحقق نتائج ليس في السنة المقبلة ولا حتى خلال الخمس سنوات المقبلة، وإنما هذا العام».

وتابع الملك كلمته معربا عن التزام الدول العربية أجمع بالسلام كما جاء في إعلان بيروت سنة 2002 المؤيد لإيجاد حل شامل لصراع يتضمن وجود دولتين في سلام لهما علاقاتهما التطبيعية بين جميع البلدان في المنطقة. (هذا التزام تؤكده مؤسسة زغبي الدولية في استطلاع للرأي أجرته حديثا في ست بلدان عربية يبين أن أكثر من 90 في المئة من العرب يؤيّدون الحل القائم على وجود دولتين للصراع.

وجاءت نبرة صوت الملك في خطابه ملحة مؤكدا أن الأمر طارئ ؛إذ إن الوقت بدأ ينفذ أمام عملية سلام ؛لأن تصبح حقيقة.

وكما ذكرت سابقا، فإن فحوى ومضمون الخطاب جاء مفاجئا. وبالتأكيد، لم يخل الأمر من التصفيق وبعض من الهتافات. ولكن وفي أثناء إلقائه الكلمة، عمّ الصمت لدرجة أنه يمكن سماع إبرة إذا ما سقطت في تلك الغرفة المزدحمة.

ومن داخل حجرتي الامتيازية المطلة على جموع المشرعين، تمكنت من رؤية بعض الأعضاء وهم في عمق التفكير يهزون رؤوسهم بين الفينة والأخرى موافقين على ملاحظات الملك.

ومن بين أعضاء الكونغرس الذين كلّمتهم، بعضهم بدا متأثرا بمناشدة الملك عبدالله. وطبعا، هناك من لم يتأثر ألبتة.

وأعرب البعض ممن كانوا معادين لإيجاد حل عادل للصراع عن ملاحظاتهم وتعليقاتهم المهمة والسخيفة. فهم سيواصلون بلا شك البحث عن سبل إعاقة عمليات السلام.

مما لا ريب فيه أن كلمة الملك هذه قدمت مساهمة عظيمة. فقد عملت على تعزيز العرب الأميركان والأمريكان اليهود المؤيدين للسلام وتوفير القاعدة للجانبين من أجل إسناد قضيتهم عليها.

وقد عملت كلمته أيضا على توفير النقاط المهمة للتفكير بها لمجموعة المشرعين الذين يؤمنون أن الملك عبدالله على صواب وأن القضية الفلسطينية هي القضية الرئيسية تدعي للقلق ؛إذ تعمل على خلق المزيد من التطرف في الشرق الأوسط وعلى زيادة الهوة بين الولايات المتحدة والعالم العربي.

يعتقدون أن الوقت للتوصل إلى حل قد حان، وذلك قبل أن تساهم «الحقائق على الأرض» والحيرة والمزيد من العنف عرقلة إيجاد حل وجعل المهمة مستحيلة.

ثمة من يجد العيوب في كلمة الملك. سيقول البعض: إنها غير متوازنة، فيما يجادل الآخرون أنها متوازنة للغاية. ولكن النقاد مخطئون. فقد استغل الملك عبدالله فرصة مميزة من أجل إيصال رسالته. وهو يستحق الثناء عليه. إن عملية البحث عن سلام إسرائيلي فلسطيني هي القضية الأساسية، والوقت آخذ في النفاذ. وقدم ما بوسعه من أجل التوصل إلى سلام. هذا هو التحدي الذي يجب علينا جميعا أن نرد عليه.

*مؤسس ومدير المعهد العربي الأمريكي،

والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1658 - الأربعاء 21 مارس 2007م الموافق 02 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً