انتصرنا حينما وافق مجلس أمناء جامعة البحرين على مواصلة خريجي كلية التعليم التطبيقي دراستهم للحصول على شهادة البكالوريوس بشكل يتوافق مع المعايير الأكاديمية التي يضعها مجلس جامعة البحرين. وقد شكلت حديثا لجنة خاصة مهمتها وضع الأطرالأكاديمية المناسبة لتنفيذ هذا القرار وتمت الموافقة على تبني معايير أكاديمية كشروط أساسية لمواصلة خريجي كلية التعليم التطبيقي دراستهم للحصول على شهادة البكالوريوس، ولكن لا بدّ لنا من وقفة ثانية بعد قرار مجلس الجامعة الأخير الذي اتخذ نتيجة لسؤال أثير من قبل أحد النواب لرئيس مجلس الأمناء، فجاءت الإجابة السابقة.
نأمل أن تبدأ اللجنة التي تشكلت مؤخرا بالنظر إلى موضوع التعليم الجامعي بشكل عام والتعليم التطبيقي بشكل خاص بعيون واسعة تستوعب التحولات وبأفق أرحب، ترى كل شيء حوله، ولا أن تنظر من داخل الصندوق فقط، بل تنظر من خارج الصندوق أيضا، وأعتقد أن مهمة اللجنة ستكون غاية في الصعوبة.
الملاحظ أن التخبط الواضح بهذا الشأن جعل موقف الجامعة ضعيفا نسبيا في إدارة الملف، أو الانتصار لها، وبدت الثغرات والفجوات كبيرة ترى بالعين المجردة ولا يمكن التستر عليها أو ترقيعها؛ لأنها لا تحتمل ذلك، وعليها أن توفق ما بين توجهات الجامعة المستقبلية وبين رأي الشارع والمهتمين، خصوصا أن موضوع الدبلوم المشارك في التعليم التطبيقي والقنبلة التي فجرتها الجامعة عند قبولها الطلاب الحاصلين على معدلات فاقت الـ 70 بما فيهم المتفوقون الحاصلون على 90 في المئة فما فوق، في تخصص لا يسمح لهم بالمواصلة لاستكمال دراستهم الأكاديمية بغرض تخريج فنيين ومهنيين بعيدا كل البعد عن ميول هؤلاء أو اتجاهاتهم المهنية، واضعين القطار على سكة الجامعة لا سكة الطالب الدارس.
من المفترض في كل إدارات الدراسة الأكاديمية أن تحدد المعايير بشكل مسبق، لكننا ما زلنا نستغرب من التخطيط المتعثر الذي يجعلنا أن نفتح كلية وتخصص ما ونقبل أعدادا مهولة فيها من دون أن نضع استراتجية في ضوئها يتم الانطلاق.
من بين الإخفاقات التي وقعت فيها الجامعة عدم صوغها للمعايير التي يسمح في تحويل الطالب لمواصلة البكالوريوس في التخصص، حتى نسمح للطالب في ضوئها تقرير مصيره.
نأمل ألا تكون المعايير الأكاديمية التي تضعها اللجنة المشكلة منغصا آخر بعد أن تحققت بعض الانفراجات وتحقق نصر الطلاب في السماح لهم بمواصلة الدراسة للحصول على البكالوريوس، ونتمنى ألا تخرج اللجنة بمعايير تحمل الوجع نفسه الذي لازم الطلاب منذ فترة قبولهم في التخصص إلى ساعة اتخاذ القرار بشأن مواصلتهم الدراسة، كأن لا يكون المعدل التراكمي المطلوب من الطالب إحرازه يتعدى الـ 3 من 4 خصوصا إننا لم نكن واضحين وشفافين من البداية، وقد قطع الطالب شوطا كبيرا في التخصص من دون دراية بالمعايير.
لم يعد من المنطقي بل ليس من العدل أن يعامل الطالب القديم مثلما يعامل الطالب الجديد الذي يراعي مسألة رفع معدله لضمان مواصلته وحصوله على مؤهل البكالوريوس، كما نرجو أن تتعاون الجامعة مع الطلاب لمساعدتهم على إحراز معدلات تسمح لهم بالتحويل من خلال الاستعانة بالكوادر الجيّدة والمخلصة وأيضا تجويد المقررات، لكي لا يكون همنا تقليص أعداد المحولين بأي شكل، وبالتالي يدفع ضريبة ذلك الطالب المجد. ثمة هواجس أخرى تحتاج أيضا إلى قرارات حكيمة من مجلس جامعة البحرين وتتعلق بالكلية ذاتها، فهناك ارتفاع كلفة الرسوم الجامعية في الكلية مقارنة بالبدائل الأخرى المطروحة والتي تحتاج منا وقفة جادة مماثلة ولا سيما بأن التوجه الحالي ينطلق من مسألة حاجة الجامعة لتخريج فنيين ومهنيين لسد احتياجات سوق العمل. فالثمن يجب أن لا يتحمله الطالب أو ولي أمره بل الجامعة. الأمر الآخر الذي يجب أن يناقش هو مناهج الكلية المقررة وبعدها عن الجانب العملي التطبيقي وتركيزها على الجانب النظري البحت على حد قول الطلاب أنفسهم من الأمور التي يجب أن يعاد النظر فيها.
القائم بأعمال عميد كلية العلوم التطبيقية يطمئن الشارع بين الفينة والأخرى بأن الكلية تسير على أحسن ما يرام وأن الزوبعات التي تثار في الصحافة والآراء الأخرى جاءت مسيّسة، برغم أن ما يحصل هو الصحيح، وخصوصا أن هناك تجاهلا تاما من الجامعة لمؤسسات المجتمع المدني المعنية بالتعليم والتدريب والتي تحركت في وقت سابق بعد قبول 68 في المئة من الطلاب في تخصص التعليم التطبيقي إلا أنها آثرت التجاهل والإقصاء كحل مناسب لتنفيذ خططها بلا منازع.
لا نريد أن نسيّس التعليم، فالتعليم من الأولويات ولكن إذا أحتاج الأمر أن تدخل السياسة بثقلها لكي تنجز مسألة تتعلق بالتعليم لكونه أحد أبرز الأولويات التي تستحق أن تأخذ حقها فأظن بأن السياسة لن تقصر في دورها وواجبها، وعلى المؤسسات التعليمية أن تقدر المواقف تقديرا صحيحا فالتعليم الآن لم يعد من مسئولية الدولة فقط.
بفضل الشراكة المجتمعية نخطأ إذا نظن بأن التعليم مسئولية وزارة التربية والتعليم أو المؤسسات التعليمية كالجامعات أو المعاهد، فالتعليم مسئولية الجميع وعلى الجميع أن يشترك في صوغ القرارت المتعلقة بهذا الشأن.
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1656 - الإثنين 19 مارس 2007م الموافق 29 صفر 1428هـ