لا علم أكيد لدي بأن «جماعتنا»، وأعني بعض حكام الخليج العربي، سيذهبون إلى «تل أبيب» أم لا؟! إلا أن كثرة من المؤشرات والقرائن تدل على أن أمر التطبيع مع الكيان الصهيوني هو مسألة وقت قصير في عمر الشعوب. وإن لم تتصد شعوب دول الخليج العربي لغي التطبيع مع الكيان الصهيوني فإنه في غضون السنتين القادمتين، على أكثر تقدير، سيطوف زعماء العصابات الصهيونية بأرجاء «باب البحرين» في العاصمة (المنامة)! ويسمرون على أنغام أكثر من ربيع ثقافي يقام هنا في البحرين لسنا في حل من أمرنا إن لم نلب واجب الدفاع والصد لمحاولات تطويع وتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين. واجب الدفاع ليس بالشعارات والخطب الجماهيرية أو البيانات الاستنكارية وحدها، بل بالدراسات الأكاديمية والبحوث العلمية الرصينة التي بها يتعزز حصن الدفاع وتستعيد الأمة عافيتها.
استنهاض الأمة، والحث على تقوية الممانعة الشعبية ورفدها بالبحوث العلمية الرصينة هو أمر لا بد منه، وعلى الأخص في حال الغفلة مما يجري من محاولات التطبيع العمياني أو المحسوب بدقة!
إن مهمة الطلائع في المجتمعات العربية، إضافة إلى استنهاض الهمم، تشكيل لجان لمقاومة التطبيع ومناهضة الصهيونية، وكشف مخططاتهم ومؤامراتهم التي تحاك ضد الأمة. نقطة ارتكاز أولية أن تكون النخب واعية لدورها الريادي والطليعي في تشكيل وقيادة الجماهير. وأن تسبق الطلائع والنخب الجمهور العربي في ذلك، وبما أن الجمهور العربي هو ممانع ومقاطع بالسليقة والفطرة لكل ما هو صهيوني ولكل تابع أو متبوع له، فإن الأرضية صلبة، والسند الجماهيري موجود وقوي، بل ومساهم بشكل فعال في كبح جماح عربة التطبيع مع الكيان الصهيوني والمشاريع الأميركية. كما أنه من السهولة بمكان تفعيل الإرادة الشعبية وتمثيلها على أرض الواقع من خلال اللجان الشعبية والعمل الجماهيري المقاوم.
ارتباط المشروع الأميركي والغربي في المنطقة بالكيان الصهيوني هو أمر مفروغ منه، فالدولة اليهودية على أرض فلسطين هي دولة وظيفية. إذ كما يصفها المفكر عبدالوهاب المسيري، وفي لقاء جمعني معه (منشور بـ «الوسط» في اكتوبر/ تشرين الاول العام الماضي) ومن خلال الدراسات العلمية والتتبع التاريخي للأحداث أكد «أن الصهاينة بالتعاون مع الاوساط الاستعمارية وجدت أن جماعات يهودية في الغرب أصبحت «جماعة وظيفية» بلا وظيفة، وقرروا أنهم يوظفوهم لصالح الحضارة الغربية. والمفكر المسيري هو صاحب الموسوعة الموسومة بـ «اليهود واليهودية والصهيونية»، والتي قضى ربع قرن لإعدادها، ربع قرن من الدراسات والبحث العلمي الأكاديمي والتنقيب في تاريخ اليهود واليهودية والصهيونية، ربع قرن من تفكيك المصطلحات المستخدمة من قبل اليهود والصهاينة. وصل إلى أن «(إسرائيل) عبارة عن دولة وظيفية وعنصرية». إلا ان «جماعتنا» نسفوا كل تلك الدراسات، وغفلوا عن كل البحوث والنداءات، وصموا آذانهم عن أصوات الجماهير وقرروا الذهاب إلى «تل أبيب»!
هذا في أمر الممانعة الجماهيرية ووعي النخب والطلائع في المجتمعات العربية. أما فيما يتعلق بالمواقف العربية الرسمية، فإننا سنقف على مثال بحريني، غفل عنه ممثلو الشعب أعضاء مجلس النواب البحريني إما سهوا وإما عمدا .
الحدث الذي جرت وقائعه الأسبوع الماضي وتحديدا في قصر القضيبية حينما استقبل نائب رئيس الوزراء البحريني «اللجنة اليهودية الأميركية». وذلك سيكون حديثنا في «الاثنين» المقبل، إن كان في العمر بقية.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1653 - الجمعة 16 مارس 2007م الموافق 26 صفر 1428هـ