العدد 1650 - الثلثاء 13 مارس 2007م الموافق 23 صفر 1428هـ

فقراء أميركا (2/3)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وفي نطاق تسليطها الضوء على مساحة الفقر التي باتت تسيطر على شرائح واسعة من المجتمع الأميركي، استرجعت صحيفة «واشنطن بوست» في إحدى افتتاحياتها قول الرئيس الأميركي السابق ليندون جونسون في العام 1964 فكتبت تحت عنوان «أميركا الأخرى 2005»: «من المؤسف أن كثيرا من الأميركيين يعيشون في ضواحي الأمل، بعضهم بسبب الفقر والبعض الآخر بسبب لون البشرة، وغالبيتهم للسببين معا، ومهمتنا هي أن نبدل قنوطهم بالأمل». وقالت الصحيفة: «إن إعصار كاترينا وما رافقه من تغطية إعلامية لإجلاء الأميركيين السود الفقراء الذين مثلوا جل المتضررين من هذه الكارثة، دل على أن الحرب من دون هوادة على الفقر في أميركا التي شنها جونسون أبعد ما تكون عن الانتهاء».

وذكرت أن الفقر تقلص بين الأميركيين السود بصورة كبيرة غير أنه لايزال غير مقبول، إذ لايزال ربع الأميركيين السود وثلث الأطفال السود في أميركا فقراء على رغم أننا في العام 2005.

وعلى صعيد آخر، عززت الرسالة التي بعثها أحد أبرز القيادات الاجتماعية في المجالات السياسية بأميركا وهو رالف نادر إلى مالك شركة مايكروسوفت للحاسبات والعقول الآلية الملياردير الأميركي بيل غيتس الذي يحتل المركز رقم واحد في قائمة أثرياء العالم، إذ تبلغ ثروته الشخصية 51 مليار دولار أميركي ما جاءت به «واشنطن بوست»، إذ كشف نادر في رسالته عن أن مجموع القيمة الصافية لثروة غيتس أكبر من مجموع القيمة الصافية لممتلكات أفقر فقراء أميركا البالغ تعدادهم 106 ملايين نسمة متضمنة كل ما يملكون.

ويخاطب نادر في رسالته غيتس قائلا: «إن مما يثير قدرا هائلا من الخوف والقلق هو إدراك أن ملايين من الأميركيين ليس لديهم إلا النزر اليسير من قيمة صافية من ثروة تتصل بما يمتلكون، على رغم أن بعضهم قد قضى حياته في سوق العمل».

ولعل هذا الوضع يجيء مطابقا لما أورده جنز في كتابه عن مشكلة الملكية، إذ يقول: «إن بات من المعلوم أن الولايات المتحدة الأميركية تمثل في بنيتها أوسع إحدى صور التفاوت في توزيع الثروة مقارنة حتى ببقية الدول الغربية، ولا أدل على ذلك من أن ثروة 1 في المئة وهي الطبقة العليا لسكان أميركا، تعتبر أعلى من مجمل نصيب الطبقات الدنيا التي تبلغ 90 في المئة من الأميركيين».

وتدفع الطبقات التي تعد أكثر فقرا فاتورة هذا التدهور، وهو ما يؤثر على حماس الأميركيين للمغامرات العسكرية التي لا تنعكس على زيادة رفاهيتهم الاجتماعية. والشعور بالظلم والفقر شعور نسبي لأن فقراء أميركا أو الفئات التي هي أقل دخلا لا تقارن وضعها بفقراء تشاد، ولكن بأغنياء أميركا وفرص الاستهلاك الكبرى المحيطة بهم.

إن المجتمع الأميركي هو نموذج مجتمع المترفين الذي يود أن يعيش في أعلى درجات الرفاهية من دون أن يدفع ثمن ذلك من الجدية والصرامة في العمل. والجيل الحالي لا يفكر في الأجيال القادمة، وبالتالي فإن أميركا حكومة وشعبا تعيش على الدين ولابد أن تدفع ثمن ذلك قريبا، من تداعٍ داخلي بالغ الخطر.

فقد كشفت فضائح إفلاس كبرى الشركات الأميركية في البورصة الخلل البنيوي فى الاقتصاد الأميركي وكيف أن قوة الشركات ورأس مالها تعتمد على التدليس لا القوتين المالية والاقتصادية الحقيقيتين فيما يعرف بنظرية فقاعة الصابون.

فقد طورت الأسواق المالية عددا من الأسهم التي تم التداول بها لمساعدة الشركات على إنتاج السيولة التي تحتاج إليها ولكن هذه الأسهم أصبحت منفصلة عن السبب الأساسي الذي أوجدت من أجله أصلا، وأصبحت قيمة أسهم الشركة منبتة أو ضعيفة الصلة بالحال الاقتصادية الحقيقية للشركة، من خلال عمليات النصب التي تخصصت فيها هيئات مراقبة البورصة.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1650 - الثلثاء 13 مارس 2007م الموافق 23 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً