العدد 1650 - الثلثاء 13 مارس 2007م الموافق 23 صفر 1428هـ

يمكن للدين أن يتحرك مع الأزمان

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

ليس الإسلام وغيره من الأديان العالمية العظيمة عبارة عن «ديمقراطية بالأصالة» ولكن التاريخ أظهر أن هذه الأديان تتحرك وتتغير مع الزمان، بالنسبة لي السؤال هو ما الذي يريده المسلمون: والحقيقة هي أنهم يريدون التعددية السياسية المرغوبة بشدة، الحرية وحكم القضاء. فهو يعتقد أن أنظمة الحكم العربية السلطوية العلمانية - التي تعمل معها القوى الأوروبية على المدى القصير - هي المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

يشير استطلاع الرأي الذي أصدرته «Gallup World» الى أن أكثرية المسلمين والمسيحيين يريدون أن يصلوا إلى الحوار وأن يتفادوا (صراع الحضارات). يعتقد الكثير من الناس أن الصراع في العالم سببه السياسة والسلطة ولكنهم يعتقدون أن الطرف الثاني لا يهتم بهذا.

ان استطلاع الرأي أظهر أن غالبية المسلمين يريدون حرية التعبير وصحافة حرة، وإنهم يؤمنون بالحكم الذاتي والديمقراطي. والغالبية نفسها تعتقد أن القوى الأوروبية وخصوصا في الولايات المتحدة الأميركية لن تسمح لهذا بأن يحصل.

وعندما نأخذ مثالا الجماعة الإسلامية المسلحة (حماس)، فإن الأمم الغربية يتوجب عليها أن تقبل الحكومات التي تم اختيارها عن طريق الناخبين حتى وإن كانوا يعتنقون سياسات لا تدعمها الدول الغربية. إن كانت القوى الغربية ترغب في أن تكون ثابتة على مبدأها فيجب عليهم أن يقبلوا بالنتائج. وإلا فإن التصور الموجود بأن هناك ازدواجية في المعايير سيتم تعميقه حتى فيما يتعلق بتعزيز الديمقراطية في الشرق الأوسط.

عندما نتحدث عن وجود مشكلة تتعلق بهذه الحكومة هو أمر، ولكن خاطئ وينطوي على نفاق أن نقطع الدعم عنها، كما حصل في تجميد المعونات غير الطارئة، والحصار الذي فرض على السلطة الفلسطينية في شهر مارس/ آذار الماضي من قبل الممولين الغربيين - ومن بينهم الاتحاد الأوروبي - عندما تولت الحكومة التي تترأسها حماس عملها.

ان دولة الديمقراطية في الشرق الأوسط حساسة بشكل غير اعتيادي، لأن معظم الدول يتولى حكمها قادة استبداديون، وعندما يكون عدد الديمقراطيات محدودا، تسعى الكثير من الحكومات إلى التسلط والتحكم بالانتخابات وكبح المعارضة - من مصر إلى أوزبكستان.

هناك فقط واحدة من كل أربع دول ذات غالبية مسلمة تنتخب حكوماتها ديمقراطيا، وأن الغرب يدعم عادة الحكام المستبدين الذين يفوزون عادة في الانتخابات الرئاسية بنسب عالية من 95-99 في المئة من نسب المقترعين.

ان محاولة صبغ أي نوع من المعارضة لهذه الحكومات على أنها متطرفة هو مزيج سريع الانفجار، لأنه يساهم على المدى البعيد في تجميع الضغوط الاجتماعية والسياسية داخل الدولة، إن كنا سنتحدث عن الديمقراطية بمعناها الواسع فنحن نحتاج على المدى البعيد الى إيجاد طرق لخلق ثقافة مشاركة سياسية ومجتمع مدني وبناء التنمية الاقتصادية والتربوية.

ان الإسلام، مثله مثل اليهودية والمسيحية تم استخدامه لدعم الأنظمة السياسية المتعددة في الماضي مثل الملكيات والحق الإلهي - والتي من الصعوبة اعتبارها مؤسسات ديمقراطية، كما أن الدول الغربية الحديثة مثل بريطانيا، وبكنيستها الإنجيلية التي تترأسها الملكة إليزابيث الثانية، ألمانيا والنرويج كلها تدعم المؤسسات الدينية من خلال الدعم الذي تقدمه الدولة.

ان تاريخ الدين يظهر أن الأديان مرنة للغاية. وقديما قبل نحو 100 عام تقريبا، أدانت الكنيسة الكاثوليكية الحداثة وغالبية الأشياء التي نقبلها اليوم مثل المبادئ الديمقراطية التي تتمثل في حرية الصحافة، المساواة بناء على النوع الاجتماعي، وحتى السيادة الشعبية.

في وقت مضى كانت غالبية الحكومات سلطوية، ولعبت الدول الغربية دورا في دعم دول مثل إيران، العراق وسورية. وتابعوا هم بدورهم دعم الحكومات السلطوية في المنطقة.

ان الافتقار إلى المعرفة الخطير والمتنامي الموجود في أوروبا والغرب عن التيارات الديمقراطية في الإسلام التي تصل إلى النفوذ في دول مثل تركيا ولبنان والسلطة الفلسطينية، مصر والمغرب، يجب أن يكون لها تمييز بين الجماعات المعتدلة والمتطرفين الذين لا يتقبلون غيرهم من الجماعات. ان التعصب العلماني هو موقف جديد متحفظ ينكر جزءا مهمّا من الحوار، وخصوصا النقاش الحر والمفتوح، بغض النظر إن كنت تتفق أم تختلف معهم, وان أنت اخترت الحوار فعليك أن تقوم بإجلاس الناس حول الطاولة.

ان الافتقار إلى تراتبية واضحة في الإسلام - بخلاف المسيحية - يعتبر مشكلة، لأن السؤال سيكمن في ما يدعيه رجال السلطة، الذين يتحدثون باسم الدين الإسلامي الذي يعتبر مشكلة أكبر بالنسبة إلى المسلمين السنة من الشيعة - الذين لهم متحدثون باسمهم وغيرهم من ممثليهم - كما ان التراتبية الصارمة غير موجودة في الهندوسية، كما لا يوجد حس بالسلطة المركزية في اليهودية.

*بروفيسور في الدين والعلاقات الدولية في جامعة جورج تاون، والمدير المؤسس لمركز الأمير الوليد بن طلال للتفاهم المسلم - المسيحي، وألّف أكثر من 35 كتابا، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند».

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1650 - الثلثاء 13 مارس 2007م الموافق 23 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً