لا يزال الضجيج على قدم وساق في الولايات المتحدة الأميركية وخصوصا في واشنطن، بعد أن نشرت صحيفة «واشنطن بوست» قبل أيام عما بات معروفا لدى الرأي العام بـ «فضيحة المستشفى العسكري» وهو تحقيق كشف عن الإهمال الذي يتعرض إليه الجنود الجرحى القادمون من العراق، وكيف أن الخدمات الصحية المقدمة إليهم «سيئة للغاية» بحسب تعبير الصحيفة. وعلى إثر نشر هذا التحقيق استقال مدير المستشفى، ومن ثم تم تعيين المدير السابق الذي استقال هو الآخر بعد أن انتقد تعيينه الرأي العام الأميركي، بحجة انه كان يشغل المنصب نفسه سابقا ولم يغير شيئا. ولم تقف ردود الفعل عند هذا الحد بل صار الرأي العام يطالب وزير الدفاع بإقالة رئيس الجيش الذي يندرج المستشفى العسكري ضمن مسئولياته، وأيضا شكل الكونغرس الأميركي لجنة تحقيق في الموضوع، والرئيس الأميركي كذلك تناول الموضوع في خطاب له أخيرا، وأبدى أسفا شديدا لهذه «الفضيحة»، وعلاوة على ذلك كله فقد بدأ العمل على قدم وساق بعد يومين من نشر الموضوع على إصلاح المستشفى، وتغيير أثاثه، وتغيير كل ما كان سيئا فيه!
وأنا كنت أتابع ردود الفعل على الموضوع في واشنطن، كانت أزمة الطوارئ لا تفارق ذاكرتي، وفي حديث مع أحد مسئولي التحرير في صحيفة «واشنطن بوست»، أبديت له استغرابي من ردود الفعل على الموضوع، وقلت له ماذا لو كان لديكم قسم طوارئ ليس فيه استشاري طوارئ واحد؟ ماذا لو رحل من قسم الطوارئ أكثر من 25 طبيبا لأسباب إدارية؟
ماذا لو كان مرضى إيدز وسل رئوي وكبد وبائي ينامون في قسم الطوارئ بسبب عدم وجود أسرة لهم في مكانهم المخصص؟ فقاطعني وقال واحدة من كل ما ذكرت تكفي لاستقالة وزير الصحة، متسائلا: فلماذا لا تنشرون كل ذلك في الصحافة بهدف حماية الناس؟، وإذا لم تنشروا موضوعات كهذه فماذا تنشرون في صحافتكم إذا؟
تنهدت وقلت له جف حبر الصحافة وهي تنشر عن «أزمة الطوارئ» وكلما نشرت ازداد الأمر سوءا وكأن شيئا لم ينشر! بل على العكس من ذلك تماما، إذ لا يوجد أدنى اكتراث في التعاطي مع الصحافة حيال هذا الملف، فقد حاولت صحيفتي التي أعمل فيها - الوسط - الحصول على لقاء مع رئيس قسم الطوارئ، وكان ذلك لا بد أن يكون عن طريق العلاقات العامة، فتم إخبار الصحيفة بأن رئيس الطوارئ في إجازة، وشاءت الأقدار أن ألتقيه فيما بعد، فقلت له الحمد لله على السلامة إذ يقال انك كنت في إجازة فكان رده لم أخرج في إجازة منذ تعييني!
هنا ضحك صحافي «واشنطن بوست» وقال فقط هذه الكذبة الأخيرة لو كانت في يد «واشنطن بوست» لكانت كافية لمغادرة وزير الصحة من مكتبه إلى بيته، وليس له خروج منه بعد ذلك!
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1647 - السبت 10 مارس 2007م الموافق 20 صفر 1428هـ