العدد 1647 - السبت 10 مارس 2007م الموافق 20 صفر 1428هـ

المدونات من أجل فهم أفضل

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

لوقت طويل مضى، اتفق الجميع تقريبا على أن الإعلام في العالم العربي لم يعكس حقيقة الأشياء في جزء من العالم ابتلي بالحروب والصراعات خلال العقود العشرة المنصرمة. ونحو 10 سنوات ماضية بدأت قنوات القمر الاصطناعي التلفزيونية بالانتشار وبكثرة في المنطقة، لتدشن مرحلة جديدة لوسائل الإعلام العربية، وخصوصا مع ظهور قنوات مثل الجزيرة التي غيرت الطريقة التي نستقبل بها الأخبار. وعلى رغم ذلك فقد بقيت وسائل الإعلام العربية في غالبية الأحيان تسيطر عليها الحكومة ومصادر الأخبار الأخرى البديلة المتوافرة كانت تفرض عليها رقابة عالية والوصول إليها كان في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلا.

ومن ثم دخل الانترنت إلى بيوت العائلات العربية و دخل معه عالم جديد بأكمله من الاحتمالات والإمكانات. وكل الشكر للانترنت الذي حول الناس من مستهلكين سلبيين لوسائل الإعلام التقليدية. إذ إن هذه الشبكة أعطت الناس الفرصة لأن يتحدثوا و يناقشوا قضاياهم بحرية أكبر. وطبعا حاولت الحكومات فرض رقابة على المحتوى الإلكتروني ولكن الحقيقة أن التحايل على الرقابة المفروضة على الانترنت سهل للغاية جعل مثل هذه المحاولات عديمة الفائدة.

إن النمو السريع لظاهرة التدوين في الشرق الأوسط خلال السنوات الخمس الماضية وبعدد المدونين اليوم الذي يقدر بمئات الآلاف تزامن مع ظهور الأصوات الفتية التي نجحت في إثبات وجودها بتميزها في زمن تراكم المعلومات. ولكن هؤلاء المدونين لم يكونوا يهدفون فقط لإسماع أصواتهم بل أيضا أرادوا أن يكونوا قوة فعالة لتغيير الأوضاع في بلدانهم وبعضهم استطاع فعلا أن يحقق ذلك كما شاهدنا في مصر والكويت. هؤلاء الشبان والشابات كانوا يتابعون وسائل الإعلام عن كثب ويكشفون كذبها ونفاقها كما كانوا ينظمون المظاهرات للمطالبة بالإصلاحات والاحتجاج ضد الفساد.

لسوء الحظ أننا لم نصل إلى هذا من دون دفع سعر فبعض المدونين في البلدان العربية تم إسكاتهم من قبل حكوماتهم بطرق منوعة، بما في ذلك التهديد، السجن أو التعذيب. ومع أن مجال التدوين العربي تشكل بداية وبمعظمه على أيدي المتحررين والمنادين بالإصلاح، إلا أنه من الواضح أن الموضوع كان مجرد مسألة وقت قبل أن يكتشف المتحفظون الوسيلة الجديدة و يبدأون باستخدامها لخدمة أجندتهم. وهذا تسبب في إشعال حروب (نقاشات متأججة على صفحة الانترنت) في بعض الدول مثل المملكة العربية السعودية إذ احتدم الجدل بين المدونين الليبراليين والمتحفظين وتم انعكاس ذلك في وسائل الإعلام التقليدية عدة مرات خلال العام 2006.

وإن التدوين وغيره من الوسائل المدنية مثل استخدام التدوين بالصور، واستخدام تقنيات صوتية ومرئية إضافة إلى التصوير الرقمي في التدوين، يمكن اعتبارها حاسمة في الشرق الأوسط ، الذي بالكاد توجد فيه حرية تعبير. ويمكن للمدونات تزويد الأخبار، التحليلات والتعليقات، ويمكن لها أن تعادي أجندات الحكومة ويمكن أيضا أن تعمل كوسيلة لنقل الأفكار بشأن الإصلاح السياسي والاجتماعي. إضافة إلى ذلك فإن المدونات يمكن أن تزود بيئة جيدة للحوار في المنطقة بين الشعوب وحكوماتهم إضافة إلى وسيلة حوار بين الشعوب نفسها في البلد ذاته أو في دول مختلفة. وهذا الحوار يمكن أن يساعد في خلق تفاهم أفضل في طريقة حل الصراعات والتخفيف من التوترات.

ويجب على الحكومات أن تتوقف عن إضاعة الوقت والمصادر في القرصنة على المدونين ويجب أن تركز بشكل أكبر على الفوائد التي يمكن لهم أن يحصلوا عليها من التدوين. إذ يمكن للمدونات أن تعطي مؤشرات عن التوجهات والرأي العام تجاه قضايا مهمة في كل دولة، والقادة والمسئولون يجب أن يتعلموا أن يكونوا منفتحين و متقبلين للنقد أكثر مما هم عليه الآن، إذ يجب عليهم أن يدركوا انه كونهم في مكانة العين للجماهير لا يعطيهم نوعا من الحصانة. على العكس من ذلك، فإنه من المفروض أن يكون العكس هو ما يحصل.

إذ إنه في نهاية الأمر، نجد أن هذه المدونات تمت كتابتها من قبل أناس عاديين ومبنية على تجارب الناس في الحياة. وأن المدونين يعطون أقصى ما لديهم في هذه الصفحات ولا يفعلون ذلك من أجل المال. فلماذا يقومون بذلك؟ لأنهم مواطنون معنيون وقلقون ولا يريدون أن يشاهدوا الصراع الجاري في أمتهم كمتفرجين: فهم يريدون أن يساهموا في ضمان الإصلاح والتقدم.

*طالب جامعي في جامعة الملك سعود ولديه مدونة، اسمها الجينز السعودي، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1647 - السبت 10 مارس 2007م الموافق 20 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً