العدد 1645 - الخميس 08 مارس 2007م الموافق 18 صفر 1428هـ

الخوصصة (3/3)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من هنا لا ينبغي أن تأتي عملية الخصخصة كسياسة همها الأساسي تقليص دور الدولة في الاقتصاد، بقدر ما تكون سياسة إصلاحية متكاملة هدفها الاستراتيجي انتشال الاقتصاد الوطني من أزمات بنيوية ملمة به من جهة، وتهيئته للانخراط بكفاءة في السوق العالمية من جهة ثانية. وإذا ما أخذنا سياسة الاقتصادي التي تنتهي بالخصخصة، كما جاءت في مفهوم الأمم المتحدة، فسنجد أنها هي عمليات متدرجة من أجل إحداث تغييرات جوهرية في أساليب تعبئة الموارد وإعادة توزيعها على النحو الذي يضمن متطلبات المجتمع على المدى القريب والبعيد. أي هي تغيير في السياسات الاقتصادية تبدأ بتطبيق سياسات التثبيت من أجل إيجاد الحلول والمعالجات للاختلالات القصيرة الأجل التي يعاني منها البلد وتنتهي بسياسات التكييف الهيكلي من أجل معالجة الاختلالات العميقة في اقتصاد ذلك البلد. وتتكون هذه السياسات من:

1 - برامج التثبيت الاقتصادي (stabilization program Economic):

وهي سياسات قصيرة الأجل لا تتجاوز الثلاث سنوات يقوم صندوق النقد الدولي بصوغها من أجل المساهمة في معالجة الاختلالات الطارئة التي تحدث في الاقتصاد الوطني مثل العجز في ميزان المدفوعات، العجز في الموازنة العامة، تدهور العملة الوطنية، أي أن برامج التثبيت تختص بجوانب الطلب الكلي بشقيه الاستهلاكي والاستثماري وتحاول ان تجعله متوازنا مع إجمالي الناتج المحلي.

2 - برامج التكيف الهيكلي (structure adjustment program):

وهي من اختصاص البنك الدولي وتهدف إلى تحقيق الاستقرار الكلي الشامل وعلى المدى الطويل ويتقدم بها البنك عندما تكون هناك اختلالات عميقة في الاقتصاد الوطني بحيث لم تنفع معها برامج التثبيت، على سبيل المثال: وجود عجز مزمن في الموازنة العامة ومعدلات عالية للتضخم وعجز كبير في ميزان المدفوعات، فضلا عن انها تتضمن الإصلاح المؤسسي وصولا إلى تحقيق الكفاءة في استخدام الموارد وتعزيز التجارة وتشجيع الاستثمار الأجنبي وكل ذلك من أجل تحقيق معدلات نمو مستمرة.

3 - الخصخصة (Privatization): وهي مرحلة أخيرة من مراحل الإصلاح الاقتصادي، وهي عملية الانتقال من آلية الاقتصاد المركزي إلى آلية الاقتصاد الحر في إنتاج السلع والخدمات، أي هي العملية التي يتم بموجبها حلول القطاع الخاص محل القطاع العام في ممارسة النشاط الاقتصادي المنتج للسلع والخدمات. وتتضمن إعادة تحديد دور الدولة والتخلي عن الأنشطة التي يمكن للقطاع الخاص القيام بها.

وفي ظل نظام اقتصادي عالمي جديد أفرزته التطورات والتغيرات الجذرية في النظام الاقتصادي العالمي الذي تمخض عن نتائج جولة الأوروغواي، وقيام منظمة التجارة العالمية: W.T.O. وفي نطاق إدراك العالم كافة والدول النامية خصوصا للتحديات الجديدة التي خلقها هذا النظام الجديد، كان لا بد لها من انتهاج استراتيجيات جديدة للتنمية الاقتصادية تتناسب مع هذه التطورات من خلال تطبيق تدابير شاملة، لتقوية وتعبئة الموارد الإنتاجية، وتعزيز كفاءة استخدامها، وذلك باتباع سياسات اقتصادية ترتكز على الإصلاحات الهيكلية في اقتصادها بعدة أوجه كترشيد الأنفاق وتحرير الاقتصاد واعتماد آليات السوق وتدعيم هيكل الموازنات الحكومية وتحسين القدرة على اجتذاب التمويل الداخلي والخارجي، ودعم الأطر المؤسسية للاستثمار وإصلاح الإدارة الاقتصادية والنظم القانونية والخصخصة.

ويعترف مؤيدو الخوصصة أن بعض العمليات تكون مصحوبة بارتفاع نسبة البطالة، إلا أنهم يقولون إن «غالبية البيانات والاحصاءات تدل على عدم ارتفاع معدلات البطالة بشكل ثابت وهو في حد ذاته مؤشر جيد، لأن النسبة التي تعاني من البطالة تتمكن من إعادة التكيف مع الوضع الجديد ويمكنها البدء في مجالات جديدة»، ويعني ذلك وفقا لتوصيات الخبراء أن الاعتناء بالمستوى التعليمي أمر ضروري للتكيف مع ظروف السوق واحتياجاتها.

ويرى وزير الدولة للاقتصاد في بريطانيا جان دانيال غربر «ان الخوصصة باقة متكاملة يجب أن تبدأ دفعة واحدة، ويجب أن تضم الآلية القانونية الصحيحة التي تتصدى للانحرافات وعدم الشفافية وتحمي المستهلك، وتضمن تقديم الخدمات والمنتجات وفقا للمعايير المتعارف عليها، على أن تكون السوق مستعدة لذلك من خلال التوعية الإعلامية، وقدرة المؤسسات الإنتاجية والخدمية على الابتكار والتطوير». وحذر غربر «من حدوث ثغرات في عمليات الخوصصة لأنها ستؤدي إلى أزمة، وهذا ما لا تتحمله المجتمعات بأي حال».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1645 - الخميس 08 مارس 2007م الموافق 18 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً