مستوى تعليم المرأة ومدى انخراطها في سوق العمل له مؤشران أساسان لقياس ما بلغته المرأة في دول مجلس التعاون الخليجي من تطور أفرزته المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مجتمعاتها. وهذان الميدانان يشكلان الجسر المؤدي لتقدم المرأة في المجالات الأخرى.
لولا تعليم المرأة وتوسع مداركها وتخصصها العلمي، ولولا عملها واستقلالها الاقتصادي، ما تمكنت من صقل شخصيتها وتحقيق ذاتها وحضورها. بفضل علمها وعملها أصبحت المرأة الخليجية تتبوأ مكانة معتبرة ومؤثرة في أسرتها، وحققت فئات منها حضورا ثقافيا ملفتا ومشاركة متنامية في الشأن العام وفي الحراك المجتمعي.
الإحصاءات الرقمية والنسب هي خير مؤشر على مستوى تطور المرأة في المجالين وقد استقيناها من الإحصاءات الرسمية الصادرة عن دول مجلس التعاون.
المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة حققت تطورا ملموسا في مجالات العلم والعمل. فمع بداية الألفية الثالثة انخفضت نسبة الأمية بين النساء إلى أقل من 10 في المئة. كما تضاعف عدة مرات عدد الخريجات الجامعيات وحاملات الشهادات الأكاديمية العليا.
ففي مايو/ أيار 2005 تخرجت من جامعة زايد 353 خريجة ومن جامعة الإمارات 8381 خريجة ومن كليات التقنية العليا 2817 خريجة. واقتحمت المرأة الإماراتية عديد مجالات العمل فزادت نسبة مساهمتها في سوق العمل العام 2004 على 22 في المئة.
وفي القطاع الحكومي وصلت نسبة القوة العاملة النسائية إلى نحو 70 في المئة من بينها أكثر من 30 في المئة في الوظائف القيادية العليا المرتبطة باتخاذ القرار. وتشكل المرأة 34.5 في المئة من العدد الكلي للعاملين في القطاع المصرفي. وقد بلغ عدد المواطنات العاملات في المصارف في مايو 2005 أكثر من 3280 مواطنة أي نحو 60.8 في المئة من عدد المواطنين الكلي في هذا القطاع .
المرأة البحرينية كانت سباقة - على المستوى الخليجي - في اقتحام مجالات العلم والعمل منذ منتصف القرن الفائت. وبين أيدينا إحصاءات التعداد السكاني للعام 2001 التي تظهر أن المرأة شكلت نسبة 49.56 في المئة من إجمالي عدد سكان المملكة مقابل 50.43 في المئة للرجال.
وفي العام 2001 سجلت المرأة الحاصلة على تعليم ثانوي فأعلى نسبة 70.15 في المئة من إجمالي عدد النساء مقابل 69.96 في المئة من الرجال. كما فاقت نسبة النساء الحاصلات على مؤهل جامعي (بكالوريوس/ ليسانس) نسبة الرجال حيث بلغت 14.34 في المئة مقابل 13.03 في المئة للرجال. وفي العام ذاته بلغ إجمالي الحاصلات على مؤهل جامعي عال(الماجستير والدكتوراه) 765 امرأة مقابل 2072 رجلا. كما انخفضت نسبة الأمية بين النساء إلى 17 في المئة.
وفي ميادين العمل ارتفعت معدلات مساهمة المرأة في القوى العاملة فبلغت 25.9 في المئة حيث وصل عدد القوة العاملة النسائية 32769 نسمة. وتشير إحصاءات العام ذاته إلى ارتفاع نسبة العاملات في القطاع الخاص الى48.61 في المئة من مجموع العاملين وهي نسبة مساوية تقريبا لنسبة العاملات في القطاع الحكومي.
أما المرأة السعودية فقد تطور تعليمها بشكل كبير وانخفضت نسبة الأمية بين السعوديات بشكل ملموس. ووفق إحصاءات العام 2001م/ 1422هـ فاق عدد خريجات المرحلة الثانوية عدد خريجيها، وفاق عدد خريجات المرحلة الجامعية عدد خريجيها. فقد بلغ عدد خريجات المرحلة الثانوية العامة 89405 طالبة مقابل 81812 طالبا. وبلغ عدد خريجات مرحلة البكالوريوس في العام نفسه 33972 طالبة مقابل 22198 طالبا.
مما يُعتد به أن 57 في المئة من السعوديات العاملات في القطاع الحكومي يحملن مؤهلات جامعية، وذلك مؤشر على المستوى التعليمي المتقدم الذي وصلت إليه المرأة السعودية. اليوم وقياسا على ما يتوفر عليه المجتمع السعودي من كفاءات وكوادر نسائية متخصصة، لم تزل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ضئيلة وأقل مما ينبغي بكثير. فحسب إحصاءات العام 2002م فان نسبة النساء السعوديات تتجاوز بقليل 4 في المئة من إجمالي العاملين في سوق العمل و7.10 في المئة من إجمالي قوة العمل السعودية. ذلك في حين أن نسبة العمالة النسائية الأجنبية إلى إجمالي قوة العمل تبلغ 6.74 في المئة في العام نفسه. وتعمل المرأة السعودية بشكل أساس في القطاع الحكومي ولا يعمل في القطاع الأهلي سوى 38 في المئة من العمالة النسائية السعودية.
وفي سلطنة عمان قطعت المرأة أشواطا واضحة من التطور في ميداني العلم والعمل. وتُظهر الإحصاءات الرسمية أنه في كل من التعليم المدرسي والجامعي بلغت نسبة الإناث ما يقارب 50 في المئة من مجمل المتعلمين في السنوات الأخيرة. فنسبة الطالبات العمانيات في التعليم المدرسي 48.4 في المئة ، ونسبتهن في جامعة السلطان قابوس 50 في المئة من إجمالي طلبة الجامعة، و54 في المئة في غيرها من مؤسسات التعليم العالي. وفي مجالات العمل تشغل المرأة العمانية 12 في المئة من الوظائف العليا في الدولة و35.7 في المئة في قطاع الخدمة المدنية و22 في المئة في الهيئات والمؤسسات العامة غير الخاضعة لنظام الخدمة المدنية و18 في المئة في القطاع الخاص.
وفي دولة قطر تطورت المرأة تطورا ملفتا في مجالات العلم والعمل. وتكشف إحصاءات وزارة التربية والتعليم القطرية ارتفاع عدد الطالبات القطريات بمدارس الدولة للعام الدراسي الحالي 2006/2007 بالمقارنة مع أعداد الطلاب. كما أن نسبة المتعلمات تعليما جامعيا قد تضاعفت مرات عديدة فأصبحت 70 في المئة من الموظفات القطريات في الجهاز الحكومي يعملن بمؤهل جامعي. وفي ميدان عمل المرأة القطرية بلغ عدد النساء العاملات في القطاع الحكومي والمختلط والخاص في العام 2003 15087 موظفة من إجمالي 35845 من القوى العاملة القطرية. وتشكل النساء القطريات نسبة كبيرة في وظائف وزارة التربية والتعليم تتجاوز50 في المئة. وتبلغ نسبة الإناث النشيطات اقتصاديا نحو 13.4 في المئة من إجمالي السكان النشيطين اقتصاديا.
وفي الكويت فان المرأة التي تشكل51 في المئة من إجمالي عدد السكان وفق إحصاءات 2005 قد حققت تقدما كبيرا في ميادين العلم والعمل. فقد انخفض معدل الأمية بين الكويتيات إلى 11.7 في المئة في العام 2001. ويفوق عدد الكويتيات الحاصلات على شهادة جامعية عدد الكويتيين، حيث بلغت نسبة الجامعيات من الكويتيات في العام 2005 63.5 في المئة من مجموع الجامعيين. ونسبة 45 في المئة من مجموع الكويتيات. وحققت المرأة الكويتية نسبة 59.6 في المئة من عدد المشتغلين بالمهن العلمية والفنية من الكويتيين. كما تشكل الكويتية نسبة 40 في المئة من الداخلين في قوة العمل بالقطاعين العام والخاص ونسبة 88 في المئة من العاملين في القطاع الحكومي.
نسب ومستويات تطور تعليم وعمل المرأة الخليجية تظهر طفرة واضحة للأمام في مجتمعات تقليدية محافظة كمجتمعات الخليج.
لقد أصبحت الدول الخليجية تتقدم دولا عربية عريقة في مجال العلم والتعلم من حيث نسب الأمية بين النساء المنخفضة في دول الخليج والمرتفعة في دول عربية أخرى. كما أن نسب مساهمة المرأة في سوق العمل بغالبية الدول الخليجية تفوق النسب ذاتها في دول عربية أخرى. ونحسب أن ظروف تطور مجتمعات الخليج التي أفرزت هذا التقدم في ميداني تعليم المرأة وعملها ستفرز تطورا أوسع في المشاركة النسائية الشاملة بالشأن المجتمعي العام.
إقرأ أيضا لـ "فوزية مطر"العدد 1639 - الجمعة 02 مارس 2007م الموافق 12 صفر 1428هـ