العدد 1626 - السبت 17 فبراير 2007م الموافق 29 محرم 1428هـ

«سترة والنصر... من يقدر فرحة الفقير؟!»

عبدالرسول حسين Rasool.Hussain [at] alwasatnews.com

رياضة

يقال إن أعياد وافراح الكبار والاغنياء تختلف عن الصغار والفقراء، وفي عالم الرياضة نقول بل نجزم إن بطولات الفرق الكبيرة تختلف عن الصغيرة.

هذه الحقيقة تجسدت أمامي وأنا أتابع انجاز فريق النصر للكرة الطائرة باحرازه كأس بطولة المحبة البحرينية القطرية للمرة الثانية على التوالي وكذلك الانجاز التاريخي لفريق سترة بفوزه بكأس الاتحاد لكرة السلة للمرة الأولى.

وعندما يحرز ناد قروي بامكاناته المتواضعة يتبادر إلى ذهننا سؤال كبير عن كيف يستطيع النادي «الفقير» بامكاناته(العادية) التفوق على فرق أغنى منه. نتوقف عند انجاز الطائرة النصراوية التي نجحت في عبور الاجواء الملبدة بالغيوم والظروف الصعبة فتفوقت على فرق ابطال تفوقها بكثير من امكانات ومحترفين، في الوقت الذي مازال فيه النصر يعاني من مرض مزمن منذ أكثر من 20 عاما اذ لا يوجد لديه ملعب يتدرب عليه حتى أصبحت مواهب ونجوم ابناء الجفير تولد من على الملعب «الاسفلتي» بدءا بجيل يوسف وعلي خليفة وعبدالنبي عبدالوهاب ومرورا بجيل رضا وحسن علي وجواد جاسم وحتى الجيل الحالي بقيادة صادق إبراهيم وعلى رغم كل ذلك مازال النصر يتحدى غبار الزمن ويقهر صعوباته ويحقق البطولات المحلية والخارجية ويشكل رافدا أساسيا للطائرة البحرينية من دون ان يجد التفاتة من القيادات والمسئولين الرياضيين وكأنه ناد ولد ليكون هكذا وغير قابل للتطوير ولو بصالة أو حتى ملعب للتدريب.

وعندما عاد النصر من الدوحة بكأس المحبة لم يجد من يكرمه أو حتى يهنيه سوى أهالي الجفير العاشقين حتى النخاع للكرة الطائرة، وبعدها بأيام طارت الطائرة النصراوية مجددا إلى تونس في أول مشاركة عربية من دون ان تجد من يعينها في الرحلة الصعبة وحتى الدعم الذي حظي به الفريق من المؤسسة العامة كان خجولا وغير كافٍ لناد يعيش الأمرين من ظلم الزمن وقلة المعين!

وماذا لو كان ناديا كبيرا حقق كأس المحبة، فإننا سنجد التهاني والتكريم ينهال من كل جهة والشواهد السابقة تؤكد ذلك.

وأذكر عندما استضاف النصر بطولة اندية الخليج العام 1992 وحسم لقبها لصالحه قبل النهاية بقيادة رضا علي تساءل رئيس احد الاندية الخليجية الكبيرة المشاركة في البطولة عن موقع نادي النصر وامكاناته التي أهلته لحسم اللقب بهذه السهولة فكانت صدمته قوية عندما وجد «خرابة» النصر التي تبعد امتار قليلة عن صالة البطولة، فحتى الرئيس خجل من تفوق فريق يلعب في «خرابة» على فريقه الكبير بمنشآته وامكاناته وشهرته.

والمشكلة أن احد مسئولينا حينما اعتبر ما حدث انجازا يحسب لرياضتنا وأن ذلك يعني - في رأيه - صحيحا طالما نحقق بطولات من دون امكانات، وفي الواقع أن ذلك المنطق غريب ومؤسف فظل النصر على حاله يئن ويصرح جريحا في «خرابته»!

ولا يختلف الحال النصراوي عن حال الانجاز الستراوي السلاوي الذي جاء بولادة من خضم ألم المعاناة والظروف الصعبة لناد يمثل منطقة تعتبر أكبر ثالث منطقة حجما وسكانا في البحرين لكنه لا يمتلك ناديا ومنشأة مناسبة عدا صالته الرياضية التي انشئت قبل عدة سنوات فيما مازالت فرقه الكروية تتدرب على ملعب رملي على سواحل المنطقة!

في اليوم التالي للانجاز الستراوي قضيت بضع ساعات داخل إحدى قرى سترة ازورها للمرة الاولى وشعرت بمدى فرحة الاهالي البسطاء صغيرا وكبيرا بلقب بطولة محلية، وسمعت اسئلة بريئة على لسان رجال وشباب تستحق التسجيل والتأثير... اذ سأل أحدهم الآخر: بكم سيتم تكريم «الابطال»؟ فرد عليه الرجل الآخر ببراءة: لا أدري اذا كان نادينا بمقدوره تقديم تكريم ومكافآت بسيطة للاعبين ولا ندري اذا كانت هناك مكافآت مالية للبطل من جانب اتحاد السلة أو الشركة الراعية أم الاكتفاء بالتتويج المعنوي؟!

وفي سترة يتساءلون عن دور المحافظة الوسطى وتقديرها للبطولة التي حققها أحد فرق المحافظة في الوقت الذي نلاحظ فيه بقية محافظي محافظات المملكة يقومون بالاهتمام ودعم ومتابعة اندية محافظاتهم وتكريم أبطالهم.

ندرك ان منطقة سترة وبقاعدتها السكانية الكبيرة تمثل طبيعة خاصة ولها وضعها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الخاص الذي يجب على المسئولين سواء في المؤسسة الرياضية أو الشركات الكبرى المحيطة بالمنطقة مثل ألبا وبابكو وغيرها من التعاطي باهتمام ودعم من اجل توفير الاحتياجات اللازمة للشريحة الشبابية الكبيرة التي تعج بها سترة والتعجيل ببناء النادي النموذجي المتكامل ومراكز شبابية في قرى سترة المختلفة.

اذا كان قدر النصر وسترة وغيرهما من الاندية الصغيرة أن تظل «فقيرة» بامكاناتها ومنشآتها فإن خيارها الوحيد يشبه قول الشاعر المتنبي:عيد(بطولة) بأية حال جئت ياعيد(بطولة).

إقرأ أيضا لـ "عبدالرسول حسين"

العدد 1626 - السبت 17 فبراير 2007م الموافق 29 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً