أود في البداية أن أوضح أن هذا رأي شخصي لا يعبّر بأي حال عن رأي جمعية الشفافية أو الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان أو جمعية وعد، على رغم عضويتي في الجمعيات الثلاث، إذ حاولت قدر الإمكان أن لا أخلط مهامي في جمعية بمهامي في الجمعية الأخرى.
كما سأحاول أن أكون موضوعيا في التعاطي مع التقرير المشترك لجمعيتي الشفافية والحقوق بشأن الانتخابات العامة للعام 2006، والذي جرى عرضه في مؤتمر صحافي لرئيس جمعية الشفافية جاسم العجمي والأمين العام لجمعية البحرين لحقوق الإنسان سبيكة النجار يوم السبت 10 فبراير/ شباط 2007.
ضرورة هذا الكلام أن التقرير وحال عرضه في المؤتمر الصحافي، قد لاقى انتقادات شديدة من قبل صحافيين وأعضاء في إدارات كل من جمعيتي الشفافية والحقوق وأعضاء في الجمعيتين، وكذلك مسئولين في جمعيات سياسية تعتقد أن التقرير لم يعرض انتهاكات خطيرة شابت الانتخابات ومنها: مشاركة المجنسين حديثا في التصويت، وتصويت العسكريين ،ودور المراكز العامة، ونقص معلومات قوائم الناخبين معلوماتيا وحجب قوائم المقترعين، وغيرها.
أجد نفسي مضطرا لأوضح موقفي؛ لأنني واحد من الذين استجوبتهم الصحافة ووجدت نفسي مثل آخرين وسط تجاذبات مع رئيس اللجنة المشتركة الصديق جاسم العجمي وهو موقف ما كنت أرغب أن أكون فيه.
خلق تبادل التصريحات على صفحات الصحف بعد عرض التقرير في المؤتمر الصحافي انطباعا أن هناك مواجهة ما بين جمعية «وعد» أكثر المتضررين من هذه المخالفات الجسيمة في الانتخابات وجمعيتي «الشفافية» و«الحقوق» أو بالأحرى اللجنة المشتركة للجمعيتين وهو غير صحيح، وكذلك خلافا بين أعضاء في الهيئتين الإداريتين للجمعيتين ممن ينتمون إلى «وعد» و»الوفاق» مع أعضاء اللجنة المشتركة للجمعيتين لمراقبة الانتخابات وهو غير دقيق. وبدل التركيز على مجمل محتويات التقرير وتمحيصها، جرى التركيز على الخلاف الناشب بين أصحاب قضية واحدة، وهي سلامة الانتخابات ونزاهتها، وإن كانوا ينتمون إلى جمعيات مختلفة.
يتوجب هنا الإيضاح أنه منذ أن بدأت الترتيبات لمراقبة الجمعيتين للانتخابات فقد جرى التداول بشأن مشاركة أعضاء في إدارتي الجمعيتين ينتمون إلى جمعيات سياسية أو هم مرشحون في الانتخابات. وجرى الاتفاق في كل من الإدارتين على ابتعاد هؤلاء الأعضاء، عن مسئولية مراقبة الانتخابات. ولكن ما كان غير متفق عليه ،هو هل سيعرض التقرير النهائي لمراقبة الانتخابات على الهيئتين الإداريتين باعتبار أنه سيصدر باسم الجمعيتين؟ وهنا حدث خلاف واستقر الرأي أنه إذا كانت اللجنة المشتركة مسئولة عن مراقبة الانتخابات فهي تتحمل وحدها المسئولية بما في ذلك التقرير النهائي، مع احتفاظ باقي أعضاء الهيئتين الإداريتين بحقهم في طرح وجهة نظرهم في التقرير بعد صدوره.
لقد فوجئ هؤلاء الأعضاء كما الصحافيون عند عرض التقرير بأن التقرير لم يكن جازما في تقرير ما يعتبرونه انتهاكات خطيرة لسلامة ونزاهة الانتخابات مثل دور المجنسين والعسكريين والمراكز العامة، فكان رد فعلهم التصريح بما يعتبرونه إغفالا لانتهاكات خطيرة، ترتب عليها سقوط مرشحين كان مرجحا فوزهم.
لست هنا في مجال استعراض التقرير وتفنيد ما فيه مما أعتبره قصورا، بل أود أن أنبه إلى خطورة حصر النقاش عن التقرير على ما هو مختلف عليه بين أبناء القضية الواحدة، ونسيان مسئولية الدولة وأجهزتها وحلفائها عن خروقات خطيرة، جرت الإشارة إلى الكثير منها في التقرير.
وبدل أن يتحوّل التقرير إلى وثيقة بيد المتضررين من عملية التلاعب بالانتخابات ونتائجها، فقد تحوّل إلى سبب للتنازع بين الجمعيات السياسية المعارضة المتضررة واللجنة المشتركة لجمعيتي الشفافية والحقوق اللتين قامتا بعملية المراقبة للانتخابات ووضعت التقرير المذكور.
باعتقادي أن التقرير برغم قصوره وبرغم بعض استنتاجاته غير الدقيقة؛ فإنه يمثل حجة لمن يريد أن يوضح تلاعب الدولة بإرادة الناخبين وكان بالإمكان تفادي المنزلق الذي اندفعنا إليه، لو تمت مراجعة التقرير في اجتماع موسع ومشترك للجمعيتين، كما كان بالإمكان عرضه في لقاء مطوّل مع المرشحين للانتخابات والجمعيات السياسية، للاستماع إلى ملاحظاتهم دون أن يعني ذلك تغييرا للتقرير، ثم يتم عرضه على الصحافة بعد سد الثغرات فيه.
لقد بذل جهد كبير من قبل المراقبين البحرينيين يشكرون عليه، كما بذل الأخ جاسم جهدا كبيرا في تدريب المراقبين وقيادة عملية المراقبة وكذلك أعضاء اللجنة المشتركة الآخرين، لكنه ويا للأسف لم يستثمر هذا الجهد الكبير ؛ليعود بالمردود الذي يستحقه على كشف المخالفات الجسيمة للدولة وحلفائها وكذلك القوى السياسية وعددا من المترشحين للنظام الانتخابي والعملية الانتخابية، من أجل العمل على تصحيح الوضع المعوج وتصويب العملية الانتخابية.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 1625 - الجمعة 16 فبراير 2007م الموافق 28 محرم 1428هـ