كرة القدم لعبة ساحرة ومثيرة بتفاعلاتها وتفرز دروسا كثيرة يفترض الاستفادة منها سواء في حالات الفوز أو حتى الخسارة. وفي السطور التالية نرصد درسين وظاهرتين في دولتين مجاورتين لنا ويمكننا الاستفادة منهما لتطوير واقعنا الكروي بل حتى الرياضي.
«الدرس الأول» كان في الإمارات وجاء على لسان نائب رئيس الدولة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال استقباله منتخب الإمارات الفائز بكأس «خليجي 18» لأول مرة، إذ خاطب اللاعبين قائلاَ: «بصراحة لم أتوقع أن تحدث كرة القدم كل هذا التفاعل في بلدنا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، وفوجئت بالصدى الذي أحدثه هذا الانجاز الخليجي للإمارات كدولة».
وأوضح أن إنجازات كرة القدم تهز الدول بصورة أكثر مما تحققه إنجازات بقية الرياضات، مشيرا إلى أنه لم يشعر بذلك حتى عندما كانت الإمارات تفوز ببطولات ومراكز أولى في بطولات الفروسية والخيل على مستوى العالم. وعندما التفت محمد بن راشد إلى رئيس اتحاد الكرة سأله عن موازنة اتحاد الكرة فأبدى دهشته لمحدوديتها قياسا بمكانة وشعبية اللعبة وصدى إنجازاتها، فأمر لحظتها برفع الموازنة ضعفين. وهنا نقول إننا عرفنا محمد بن راشد وعائلة آل مكتوم ذات ميول لرياضات الخيل المختلفة، لكنه عندما التفت لحظة نحو كرة القدم ومكانتها وقدرتها على تحريك المشاعر والمجتمع كله، توجه بجزء كبير من اهتماماته كنائب رئيس دولة إلى الكرة، وهو نموذج إيجابي يمكن الاستفادة منه في مملكتنا التي تحتاج فيه كرة القدم إلى مزيد من الاهتمام والرعاية والدعم؛ لخلق بنية أساسية قوية يمكن أن ننطلق منها في وضع استراتيجية كروية شاملة تبدأ من القاعدة والأندية حتى المنتخبات، وهو الأمر الذي نأمل حصوله بعد توجيه سمو ولي العهد إلى رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة لإعداد تقرير شامل للنهوض بكرة القدم البحرينية عسى ولعل أن تكون هذه أولى خطوات الإنقاذ والتصحيح.
«الدرس الثاني» كان من خلال بطولة الحساوي السوبر الأولى التي أقيمت في الكويت الأسبوع الماضي بين الأندية الأربعة الكبرى القادسية والكويت والعربي وكاظمة وحققت نجاحا متميزا وجلبت الجماهير الكويتية إلى المدرجات بصورة كبيرة على رغم حال الإحباط الذي يسود الشارع الكويتي بعد إخفاق الأزرق في «خليجي 18».
والدرس المعني هنا هو القدرة والحنكة التنظيمية لبطولة تنشيطية وليست رئيسية وفي بلد تواجه فيه الرياضة والكرة ظروف البحرين نفسها تقريبا، لكن القائمين عرفوا كيف يضعون الأفكار والخطط التحفيزية للفرق والجماهير، فأقيم حفل افتتاح يشابه البطولات الكبرى وزين الملعب وانتشرت إعلانات البطولة ورصدت الجوائز المالية للفرق والجماهير، وتمت دعوة نجوم الخليج والعرب السابقين لحضور حفل افتتاح وختام البطولة وأداء مباراة استعراضية، لأجل كل ذلك تحرك الشارع الرياضي وتفاعل مع البطولة.
وهنا نقول: أين نحن من ذلك في مسابقاتنا المحلية التي مازالت (ميتة) على رغم التعاقد مع شركة «ميتاف» العالمية التي لم نر إلى اليوم أي إعلان في الأماكن العامة بشأن تحفيز الجماهير وتفاعلها مع الدوري الذي انقضى قسمه الأول، فأين الخبرة التي تمتلكها هذه الشركة العالمية من أجل اجتذاب الجماهير!؟
وعندما يقول اتحاد الكرة أنه نجح في التعاقد مع «ميتاف» لأنه ضمن دخول مبلغ مالي في رصيده كل 6 أشهر، فهل هذا يكفيه ويرضيه وهو يرى المباريات المحلية تقام وسط مدرجات خالية ويتحول خلالها اللاعبون إلى أشباح يركضون من دون أن يراهم أحد عدا قلة من المتابعين. نعلم أن العقد المبرم مع شركة «ميتاف» قابل للتجديد والإلغاء مع نهاية كل عام وفق ما سمعناه في المؤتمر الصحافي، وأعتقد أن الأمور حتى الآن لا توحي بالتفاؤل باستمرار ونجاح العقد الذي وصفناه بالتاريخي من حيث قيمته (12 مليون دولار في 12 سنة). المشكلة أن مسابقاتنا الكروية المحلية هي حمل وعبء ثقيل على اتحادنا الكروي من جميع النواحي، وبات التركيز على تسييره (على البركة) بعيدا عن التميز والتحديث، وكل ذلك بسبب واقعنا الرياضي الصعب الذي نعيشه منذ أكثر من 50 عاما!
انتهى الدرس... والأهم هل هناك من يعتبر؟!
إقرأ أيضا لـ "عبدالرسول حسين"العدد 1619 - السبت 10 فبراير 2007م الموافق 22 محرم 1428هـ