العدد 1616 - الأربعاء 07 فبراير 2007م الموافق 19 محرم 1428هـ

أستقيل من الحرب والضحايا

علي الجلاوي comments [at] alwasatnews.com

لست مع الحرب ضد الإنسان، ولكن بالضرورة لست مع الإنسان (الحرب) ضد الإنسان (السلام)، ويجب أن يكون للمبدع موقفا، فالحياة موقف، والمبدع ينتج جماليته من خلال موقفه من الوجود، هناك أكثر من مصطلح نعتبره واضحا، إلا أننا بذلك نفرض صيغة واحدة له، ونصادر احتمالية الممكن فيه، فالحرب فعل عنف، مع تمدن البشرية، انتقل هذا الحق إلى الدولة، لذلك اعتبرت الدولة محتكرة لوسائل العنف، فهنا يتم الحديث عن مستويين من العنف، إذا صح التعبير، عنف يطلق عليه مشروع، وعنف غير مشروع، وبغض النظر عن المستويين من هذا العنف، أشعر بأقل إنسانية معهما، وبذلك قد أتجه إلى خلق عبارات لا تعادل واقعي وسلوكي، إذا سأعتبر إلغاء الحرب من الوجود حلم رومانسي أعيشه بوعي أنه حلم، لكنني سأمارس حقي في العنف المشروع، وسأطلب من الآخرين ممارسته في حقهم.

ما يربك حقا في الخطابات التي يلقيها المبدعون عادة، هي الرومانسية الساذجة أو المثالية العالية، في حين أني شخصيا أخضع لمزاج إنساني حاد، هذا المزاج يكتشف حقائقه التي تعادل أخطاءه في فعله الإنساني، الذي يحاول ألا ترسم المنطَقة والأدلجة شكل آرائه.

والحرب بوصفها أبشع أنواع الضرورة كما يقول علي حرب، ليست حربا يمكن أن نصفها إسلامية أو عروبية أو قومجية، والتي يصل إليها مؤيدوها عادة بعد انتهائها، لأنها شعاراتية للاصطفاف وراء طابور المحرقة أو الوقود، وقبل الوصول لها نحن نصل إلى نهاية إنسانيتنا، وإلا كيف تدعوا إلى قتل إنسان، لمجرد أنه لم يأخذ تصريحا من خيمة القبيلة الفلانية، أو لم تختم أوراق اعتماده من مكتب المرجع الفلاني، أو لأنه من الملونين، وغير المنتمين لعرق سامٍ، في حين لا يعني ذلك رفض فعل الحرب كضرورة، وبالمقابل هو رفض الحرب كسلوك إنساني.

وإذا ما أعدنا النظر في مسوغات الحرب، سيجعل ذلك من الحرب عبثية وفوضوية غير قابلة للعقلانية، هل هو المال وراء هذه الحرب المجنونة؟ هل هو الفكر والاعتقاد؟ هل هي الأرض أم العرض؟ ولندعي أنها كل هذه المسوغات، فهل ستكون حربنا جديرة بالاحترام! لأنها بكل بساطة حرب أخلاقية!

دعنا نفهم الأمر بطريقة أخرى، أو نحاول الوصول إلى مفهوم نلتقي عليه، فما أعرفه أن الأرض والسماء والمال والأديان وكل ما هو موجود وضع من أجل الإنسان، إذا فالإنسان يقع في قمة الهرم، وهو أعلى قيمة من كل تلك الموجودات بالضرورة، فكيف نقايض الأرض بالإنسان، أو بالمال أو بشعارات فارغة؟، وهنا يأخذ الحديث مسارا آخرا، لأننا سنعتبر الإنسان لا يكون إنسانا إلا بعناصر إنسانيته، ومتى فقد هذه العناصر سقط من حساب الإنسانية، وهذا هو الوتر الذي يعزف عليه التحشيد والاصطفاف في طابور وقود الحرب، وعلى ذلك ماذا يحدث في العراق؟ ماذا يحدث في التقارير الممنوعة؟ لماذا هذه المحاولات لتصفية الآخر المختلف؟ شكرا فقد أعتبر أن كل ذلك عناصر القيم الإنسانية! وقد أعتقد أيضا أن مفهوم الأكثرية والأقلية قانون الطبيعة التي تحكم علاقات بني البشر في التناحر!، وأخيرا سأعتبر أن الحقيقة سلعة القادر على الحرب القذرة، ولذلك أستقيل من إنسانية تختم أوراقها أيديكم الملطخة بالدماء.

إقرأ أيضا لـ "علي الجلاوي"

العدد 1616 - الأربعاء 07 فبراير 2007م الموافق 19 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً