عندما يصل الأمر إلى إعلان جلالة الملك عن أوامر ملكية لإسقاط أو إعادة جدولة القروض الإسكانية أو تخفيض أقساطها، أو إلزام الجهات المعنية بدفع علاوة سكن لجميع المستحقين من المواطنين أصحاب الطلبات الإسكانية، ثم يكتشف الناس تمرد الحكومة على أوامر الملك، أو إفراغ تلك التعليمات العليا من محتواها، لخداع الناس وحقن آلامهم بمسكنات لا يستجيب لها العقل الصحيح، فإننا وأمام هذا الواقع، نتساءل عن كيفية إدارة أمور الدولة في هذه الأيام، فغياب السلطة وتخبط الجهات التنفيذية، وخصوصا خلال الشهرين الماضيين، فذلك قد أصبح من أحاديث الناس وفاكهة غيبة المجالس، من دون توجيه رسالة صائبة لضبط عسكرة القرارات واعتماد الحكومة كمرجعية عليا تحدد ما يصلح وما لا يصلح، وتضع ضوابط واهية لترقية ذوي الدخل المحدود لمراتب يصعب معها الحصول على سكن لائق.
لكل مشروع أهداف معلنة وأخرى غير معلنة، ويأمل المواطنون أن تكون عملية تحديث بيانات الطلبات الإسكانية بمثابة قاعدة معلومات تحد من تمسك الملاك المتخفين بطلباتهم السابقة استعانة ببعض ثغرات القانون، أملا في مشاركة المواطنين أصحاب الحقوق، فمن يمتلك منزلا يقوم بتسجيله باسم أمه أو أبيه، ويقوم بعد ذلك بإحراج الوزارة المعنية بصفته غير منتفع بخدمة إسكانية أو لا يمتلك منزلا لائقا، وما أكثر من يسكن في بيوت الحكومة، بينما يقوم بتأجير منزله الأصلي بمبالغ مرتفعة، من جهة أخرى، فهناك الكثير من المواطنين ممن تقدموا بطلباتهم بعد زواجهم مباشرة، وعادة ما تكون مرتباتهم متدنية وقت تقديم الطلب، ولما كان من قدر المواطن انتظار طلبه لسنوات طويلة، فمن الطبيعي أن يرتفع راتبه أو يتضاعف في حال عمل الزوجة، ولا يعقل في هذه الحال أن يعاقب على تدرجه الوظيفي ويحرم من علاوة السكن أو من الوحدة السكنية، لتكون المحصلة النهائية إلغاء عشرات الآلاف من الطلبات المكدسة في أدراج الوزارة، وهو المحك الرهيب الذي نتخوف من الترتيب والإعداد له.
ماذا يعني أن يكون دخل الأسرة خمسمئة أو ألف دينار، وهي دخول قد يتمتع بها أي ناطور في دول الخليج المجاورة، فالناس في البحرين تنتظر الكرامة قبل المكرمة، فأسلوب الصدقات والعطايا لم يعد مجديا في هذا العصر وفي هذه الدولة بالذات، فما عاد مقبولا أن ينتظر الناس في كل عام خطابا ساميا يتحول بعد ذلك إلى شائعات وقرارات تفرغ الخطاب السامي من محتواه، ففي الوقت الذي تبشر فيه الحكومة بترفيه المجتمع، نراها تلتف بسرعة لتأخذ باليمين ما أنفقت بالشمال.
بدلا من أن تنفق السلطة على البرلمان وأعضائه، وبدلا من عطايا الوزراء السنوية، فهناك إنفاق قد أوجبه الدستور عليها، لصالح الشعب مصدر السلطات جميعا، أما اقتسام أموال الدولة بين السلطتين، فذلك من علامات الوهن وصفات الانحدار.
إقرأ أيضا لـ "معاذ المشاري"العدد 1612 - السبت 03 فبراير 2007م الموافق 15 محرم 1428هـ