يخطئ من ينظر إلى الحسين نظرة طائفية، أو من ينظر إلى كربلاء معركة مذهبية، فالحسين أكبر من الطائفة، وكربلاء أشمل من المذهب، بل إن شمولية هذه الواقعة وبطلها لم يتسع لها أفق العالم الإسلامي فتعالت إلى أفق أرحب، حتى صار صوت الحسين أنشودة مدوية في كل بقاع الأرض يتسابق إلى الارتواء من عذبها النصارى، وحتى الهندوس فضلا عن المسلمين.
كثيرون من يحشرون الحسين في زاوية الطائفة والمذهب، معتقدين أن الحسين فجر هذه الملحمة، وأيقظ هذه الثورة من أجل خلاف مذهبي هزيل ليحولوا كربلاء إلى نقطة تفرق وتمزق وشتات، ولو فهموا شيئا يسيرا من مضامين هذه النهضة لصارت كربلاء محطة الالتقاء الكبرى، وملحمة التقريب والوحدة التي تذوب على رماحها الملتهبة كل الخلافات المذهبية التي أضعفت المسلمين فصاروا أمة أضعف من ناقة هزيلة، لا تقوى على التقدم خطوة واحدة إلى الأمام.
هذه النهضة التي استطاعت أن تتربع على قلوب غير المسلمين، فكتبوا فيها، ونهلوا منها حتى قال غاندي: «علمني الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر»، لماذا ينظر إليها المسلمون من ثقوب الطائفية والمذهب؟
لا بد من صياغة جديدة لنظرة المسلمين إلى هذه الثورة التي قهرت أربعة عشر قرنا من الزمان، وكلما تعاقبت عليها القرون تجددت، فكأنما عمرها «يوم أو بعض يوم»!
فمتى خصصت هذه النهضة للمسلمين حتى نخصصها لطائفة ما؟ فهي نهضة للإنسان كل الإنسان.
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1607 - الإثنين 29 يناير 2007م الموافق 10 محرم 1428هـ