تميزت انتخابات 2006 بزخم سياسي كبير عمّ المجتمع البحريني برمته وبلغت آثاره فئات ليست قليلة من عموم النساء. ذلك مما دفع بجموع نسائية عديدة من مختلف المستويات الطبقية والثقافية للمشاركة في الحراك السياسي الذي واكب مرحلة ما قبل الانتخابات منذ اعتماد أسماء المترشحين وصولا للفعاليات المتنوعة التي زخرت بها الحملات الانتخابية. وساهم في ذلك ما تميزت به انتخابات 2006 من تعدد وتنوع القوى السياسية المشاركة في العملية الانتخابية كبر أو صغر حجم مشاركتها وقاعدتها الجماهيرية. ذلك بالإضافة لتزايد عدد المترشحين والمترشحات للانتخابات وانتشار المقرات الانتخابية في كل مكان. ونجحت الحملات الانتخابية في استقطاب اهتمام ومتابعة الناس بما فيهم عموم الفئات النسائية من غير النخب المثقفة أو المنتظمة في عضوية الجمعيات السياسية أو غيرها من الجمعيات الأهلية. وفي ظل خبرة انتخابية فاقت خبرة 2002 تحركت القوى السياسية لدعم قوائم مترشحيها وتحرك المستقلون والمستقلات ينظمون اللقاءات ويسوّقون برامجهم الانتخابية طارحين خططهم لتمثيل الناس في السلطة المنتخبة. كان واضحا للعيان في مدن البحرين وبعض قراها تواجد المرأة بشكل لافت ضمن جمهور المقار الانتخابية للمترشحين والمترشحات. وربما لا يكون حضور بعضهن نابعا من وعي سياسي بأهمية المشاركة، وربما تكون دوافع بعضهن شخصية من قبيل: «حشر مع الناس عيد» أو رغبة في الالتقاء مع نساء المنطقة أو حتى تناول وجبة يقدمها المقر الانتخابي.
المهم أن وجودهن في المنتديات السياسية كان كفيلا بإكساب النساء عادة الوجود في هذا النوع من اللقاءات التي ظلت فيما مضى حكرا على الرجال أو على النخب النسائية. كما أنه جعل عامة النساء ينتبهن لما يجري ويستمعن لما يُطرح ويتحدّثن في الشأن الانتخابي ومجمل الشأن السياسي ويبدين رأيا في هذا المترشح أو ذاك وفي هذا الوضع المجتمعي أو ذاك. حضرت المرأة المنتديات السياسية، وفوق ذلك كان لها حضورها اللافت في الحملات الانتخابية للمترشحين من الجنسين وكانت لبعضهن مشاركات فيما دار من نقاشات سياسية مفتوحة. لقد ضم الجمهور النسائي الموجود مختلف المستويات وشاركت حتى الفتيات الصغيرات... قد يكون الوقت مُبكرا على إجراء دراسات إحصائية بشأن مشاركة المرأة البحرينية في انتخابات 2006، وربما يكون بعضها رهن الإجراء ولم تُعلن نتائجه بعد. إلا أن المؤشرات الماثلة للعيان تؤكد أن مشاركة المرأة البحرينية مترشحة، ناخبة، عضو حملات انتخابية أو جمهور الفعاليات الانتخابية قد زادت واتسع مداها وتنوعها. وهذا دليل على دخول فئات نسائية جديدة دائرة التفاعل الحيوي مع الحدث السياسي من خلال الاهتمام والمتابعة النسائية، بل تخطى ذلك للمشاركة الفعلية...
في الوقت ذاته لابد من الإقرار بأن عملية استخدام صوت المرأة لصالح الرجل وضد المرأة قد استمرت في 2006 بعديد من الدوائر الانتخابية مثلما جرى في 2002. على رغم ذلك كان ملموسا التفاعل النسائي واتساع وتنوع المشاركة النسائية. وإذا وضعنا في الاعتبار صعوبة إحداث التغيير في وعي وسلوك الناس والبطء الشديد في التحصل على النتائج المُرادة بهذا الشأن. وإذا وضعنا في الاعتبار أيضا انتماءنا لمجتمع تغلب الهيمنة الذكورية على مفصله السياسي، ستتضح قيمة تراكم التجارب في المشاركة النسائية بالحدث الانتخابي وأثرها في التقدم التدريجي بوعي المرأة. وكلما تصاعد زخم تجربةٍ انتخابية، كلما فُتح المجال أمام تنامي الوعي السياسي لدى الفئات النسائية وتشجعن على الانخراط في أنماط المشاركة السياسية أيا كان مستواها. وهي عملية لا شك بطيئة ولا تتكرر إلا كل أربع سنوات، لذا فهي بحاجة لاستثمار زخمها وتعزيز مخرجاتها الإيجابية والبناء عليها بشكل متواصل يربط ناتج كل تجربة بمعطيات التي تليها. الجهات المنوطة بمسئولية من هذا النوع هي تلك التي تضع التمكين السياسي للمرأة على أجندتها. فعلى الصعيد الرسمي نجد أن المجلس الأعلى للمرأة بما يحوز من إستراتيجية متطورة طموحة للنهوض بالمرأة وتمكينها، بإمكانه أن يتخطى حد تدريب وتمكين المترشحات ويزج بإمكاناته في مجالات التوعية السياسية لعموم النساء بناء على خطط برامج تنفذ على مدار العام بالتنسيق مع الاتحاد النسائي وغيره من مؤسسات العمل النسائي الأهلي. وفي التوعية السياسية للمرأة فان الجمعيات السياسية منوطة هي الأخرى بدور كبير خاصة وقد كانت المرأة حاضرة بقوة إبّان حملاتها الانتخابية وشكّلت عامل دعم كبير لمترشحيها. المتأمل من الجمعيات السياسية التركيز على تنفيذ برامج إعداد الكوادر النسائية المؤهلة للترشح في انتخابات 2010، ذلك إلى جانب دور الجمعيات المذكورة ومعها الاتحاد النسائي والمؤسسات النسائية الأهلية في تنفيذ برامج توعية على مدار العام. المنتظر هنا أن تتجاوز برامج التوعية الأطر النخبوية للجمعيات وتتجه خارج نطاق مقارها ؛لتصل مختلف الفئات النسائية في أماكن تجمعها بالمراكز الاجتماعية والأندية والمجالس ودور العلم وغيرها، على ألا تقف بيروقراطية الإجراءات والأنظمة الرسمية حجر عثرة أمام تحقيق ذلك.
إقرأ أيضا لـ "فوزية مطر"العدد 1597 - الجمعة 19 يناير 2007م الموافق 29 ذي الحجة 1427هـ