كيف يمضي الوقت ويسرقنا الزمان؟... تدل التجارب في أبحاث الفضاء بأن الوقت بات أقصر من السابق... بسبب مرور الأرض بين قطبين من المغناطيس ما يؤدي إلى سرعة دورانها فيها وبالتالي يؤثر في تقصير الوقت وقد تبدو الساعة والتي هي ستون دقيقة كما هي في الحقيقة ولكن بركتها قد نقصت وربما أصبحت 45 دقيقة أو أقل... وقد يفسر هذا بعدم تمكننا من انجاز الأشياء التي كنا ننجزها في السابق في الفترة نفسها الزمنية ونكاد نشعر باليوم وهو يمضي مسرعا ونحن نلهث لنحاول قضاء الضرورات من الحياة... والذي يعطينا الشعور الدائم بأننا مقصرون في كل ما ننجزه... وغير سعداء من الوقت ومن طريقة اختفائه بهذه السرعة وفي كل يوم.
وفي متابعتي لحوادث فيلم اسمه كليك (Click) يكتشف البطل جهاز ريموت كنترول يتحكم في الإسراع بالوقت فهو يقدم الوقت للتخلص من المواقف الحياتية التي لا تعجبه فانبهر بهذا الجهاز فقام بتقديم (Forword) معظم شجاره مع زوجته وعدم رضاه مع مرؤوسيه في العمل وساعات الانتظار التي كانت من الواجب أن ينتظرها لحصوله على الترقية وبذلك هو قد تجاوز الكثير من المراحل الحياتية وغير الظريفة أو الحزينة... وعيب هذا الجهاز هو انه لا يمكنه الرجوع إلى الخلف!!... .
وهو بذلك لم يكن ليدرك بأنه قام أيضا إضافة إلى ذلك بالتضحية بالساعات الجميلة والتي قد يتصادف وجودها كمثل قضاء الأوقات مع أبنائه وهم في مراحل نموهم المختلفة ودراستهم ، أو وهم يهرمون وكيف انه حرم من التواصل معهم في سنواتهم العمرية المتقدمة ولم يتمتع أو يمتعهم بما حققه من نجاح في حياته العملية لانشغاله الدائم بطموحاته المادية ظنا منه أنها وحدها السبب في سعادته!! ليكتشف في احد الأيام وهو يسأل عن والده بأنه قد رحل عن دنياه وان والدته باتت في مراحلها الأخيرة والتي تصعب فيه حركتها، وأبناءه قد اصحبوا شبابا ولم يتمتع بطفولتهم وببراءتهم ولعبهم معه!!... فأصيب فجأة بالصاعقة وبات تعيسا وأدرك خسارته المعنوية الهائلة وبأنه بعد كل تلك الثروات لا يشعر بالسعادة أو بأي نوع من تحقيق الذات.
هي هكذا الحياة كلما انشغلنا عنها بتجميع الثروات ضاعت العواطف بين البشر وقلت الحميمية وانتشرت الأنانية وبالتالي تقسو الحياة على الجميع.
أن سرعة الحركة والهروب من الحياة تحت مسميات الانشغال اليومي بالمؤتمرات والسفريات واللقاءت كلها مسببات للهروب من النفس ومواجهة الواقع الإنساني أو عدم التعامل مع العواطف النبيلة وهي تغطية لشيء أساسي وهو المواجهة... مواجهة العائلة كما الإخوة والأصدقاء... وخوفهم من التأني والاستمتاع بالأخرين وبالوقت الحاضر وعدم تأجيل المحبة فيما بعد واكتشف أن كل أموال الدنيا لن تمكنها من إعادة والده والجلوس معه ولو للحظات أو أن يعيد له شباب وصحة والدته التي حرم منها... أو لحظات براءة أطفاله في لعبهم... ومرحهم في حينه!!
وعلنا نتعظ ونرى ما الذي نريده فعلا من هذه الحياة... وكم من الوقت... نضعه على القشور والتفاهات والماديات منها :هل لنا من مواجهة كيلا نسحق أنفسنا وبأن لا نرضى من أن نكون عجلة أو (تروسا) في دولاب الحياة الكبير فنسحق أنفسنا دونما أن نشعر!! فضحكة طفل وبراءته قد تعطينا سعادة لا تعادلها الثروات المهملة في المصارف والتي قد لا نتمكن من صرفها ولو عشنا عشرات المرات!
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1588 - الأربعاء 10 يناير 2007م الموافق 20 ذي الحجة 1427هـ