العدد 1576 - الجمعة 29 ديسمبر 2006م الموافق 08 ذي الحجة 1427هـ

لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

تقف البحرين اليوم أمام فرصة ذهبية يجب أن تقتنصها الحكومة بشكل صحيح لتخطي الكثير من المشكلات الكبيرة التي ترتبط بمعيشة الناس المباشرة سواء في المسكن أو على مستوى الدخل أو على مستوى توفير الرعاية الصحية والتعليمية والاجتماعية المتميزة للمواطن.

إن آخر زيادة عامة في مدخولات المواطنين في القطاعين العام والخاص كانت في العام 1987، ولكم أن تتصوروا ماذا يعني ذلك؟ هذا ببساطة يعني أن أجور المواطن البحريني ظلت ثابتة عموماً في العشرين سنة الماضية على رغم أن طفرات نفطية قد حدثت غير مرة خلال هذين العقدين بجانب توسع قطاع الخدمات المالية والتجارية. واستمر هذا الركود في الرواتب الزهيدة أصلاً في مقابل غلاء رهيب متصاعد يطول كلفة المعيشة والمواد الاستهلاكية ومواد البناء وارتفاع أسعار الخدمات والضرائب في كل القطاعات وصلت نسبة بعضها إلى 300 في المئة عما هي عليه قبل عشر سنوات!

الفوائض المالية التاريخية التي استحصلتها الدولة بملايين الدولارات من جراء الطلب المتزايد على النفط في الأسواق العالمية، يمكنها أن تستوعب ببرنامج زمني واقعي التخلص من الكثير المشكلات بدءاً من تخفيض عجز الموازنة بالإضافة إلى تقديم خدمات أفضل للمواطن، وتحتاج كذلك إلى إدارة مهنية ورشيدة ورقابة فعالة ومحاسبة مستمرة للمسئولين عن سرعة وجودة الانجاز الذي يتوقعه المواطن من حكومته في ظل هذه الطفرة المالية.

الفائض الكبير في الخزينة لم ينعكس على الموازنة بشكل موجب للاقناع، كما أن كلفة المعيشة للمواطن البحريني آخذة في التصاعد شيئاً فشيئا، والشاب البحريني المقبل على الزواج والذي لا يتجاوز متوسط راتبه الـ 250 ديناراً يواجه مشكلة حقيقية، فيمسي حائراً بين كماشتين، اما أن يستأجر شقة ذات مواصفات عادية جداً ويكلفه هذا الخيار أكثر من 60 في المئة من راتبه، أو أن يقبل العيش في غرفة لسنوات لينتظر بيتاً من الإسكان قد يطول لأكثر من 12 عاماً.

صحيح أن المرء لا يمكن أن يغمض عينينه ويدعي ألا إنجاز يذكر، فوزارة الأشغال والإسكان وطاقمها الإداري وعلى رأسهم الوزير يبذلون جهداً مضاعفاً واستثنائياً لملاحقة الطلبات المتراكمة لطلب القسائم السكنية، وبدأت الوزارة فعلاً في وضع برنامج جديد لإعادة جدولة آلاف الطلبات الملقاة في أدراجها ، وفي النصف الآخر هناك عمل دؤوب في تطوير قطاع الأشغال العامة من الشوارع والدوارات وتحسين شبكات الصرف الصحي، لكن كل هذه الجهود تبدو غير قادرة على معالجة جذور المشكلة وهي أن 70 في المئة من الأراضي هي ملكيات خاصة، والمشروعات الإسكانية تتطلب مبالغ بالملايين لإعادة شراء ما تم وهبه من أراض لمتنفذين كبار في الثلاثين عاماً الماضية، والمشكلة لم تحل بعد.

المجلس النيابي الجديد وبعض الخبرات المهنية التي تتوافر في أعضاء مجلس الشورى يمكنهما من ان ييرهنا قدرتهما على فرض رقابة محكمة على المال العام من خلال تحديد حجم الإيرادات العامة الحقيقية المتحصلة ليس من قطاع النفط والغاز وحدهما وانما مدخولات المملكة القومية من السياحة والمصارف والضرائب، ومحاولة إيجاد علاقة طردية بين حجم تلك المداخيل وحجم ما يرصد منها في الموازنة، ومن ثم مراقبة أوجه الصرف والتأكد من مطابقة ما يرصد للمشروعات مع قيمتها الحقيقية في ظل جدول زمني.

صدقوني هذا لن يحدث من خلال الصراخ والضجيج فقط وانما يحتاج إلى اخلاص وأداء مهني يورد الاطمئنان، واعتقد أنه إذا أنجز النواب والشوريون جزءاً من ذلك فستكون الثمرة أفضل بمرات من الاستغراق في نصوص دستورية جامدة، ولا تدري «لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا»?

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 1576 - الجمعة 29 ديسمبر 2006م الموافق 08 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً