العدد 1566 - الثلثاء 19 ديسمبر 2006م الموافق 28 ذي القعدة 1427هـ

وداعاً أبا جميل...

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

إن خطا بك النعش خطوات لمواراة جسدك في التراب، فستبقى ما بقي الليل والنهار ذلك الرمز الكبير تلهم الأجيال جيلاً بعد جيل، صموداً ما بعده صمود، لأنك كنت ولاتزال ذلك الشيخ الجليل الذي أفنى عمره وسني شبابه في خدمة الدين والوطن... عاش أبياً ولقي ربه أبياً.

أيها الشيخ الجليل، طبت حياً وميتاً، نتذكرك وأنت تخرج من بيتك وتلوح للجماهير التي أحاطت بأسواره، نتذكرك وأنت تبكي على منبرك وتقول: «لقد اشتقت إليكم اشتياق يعقوب إلى يوسف» وكم كانت دموعك مليئة بالحس الوطني. الجماهير بالأمس، شيّعت شخصية لا تتكرر، ودعت جثمان رمز لا يعوض، ومن سيعوّض غياب أبي جميل. من سيعوّض ذلك الوطني الذي ملأ الوطن وطنية ليس لها نظير، من سيعوّض ذلك العالم الجليل الذي لم يفتأ يخدم الدين ولم تأخذه في الله لومة لائم، من ومن... بقيت مجاهداً كبيراً حتى أقعدك المرض مقعد الأبطال، كنت رمزاً في المجلس الوطني في العام 1973 وبقيت رمزاً حتى وافاك الأجل المحتوم، وما عزاؤنا فيك إلاّ علمنا بأن الموت قدر مقدر على كل ابن أنثى، وما عزاؤنا فيك إلاّ أنك وفدت على كريم، وانتقلت روحك إلى ساحة الفردوس حيث نحتسبك عند رب العالمين. أبا جميل، يعز علينا أن نحمل جثمانك الطاهر في نعش هيأ لنقل من وافاه الأجل، ويعز علينا أن نهيل التراب على محياك ونخفي ذلك الشيب البهي الذي طالما ملأنا بالأمل، ويعز علينا أن نفارق قبرك في ذلك الليل الأليل، ولكن هكذا حكم الأقدار... تركتنا ورحلت، وبقيت فينا. وداعاً أبا جميل، وداعاً أيها الشيخ الجليل، وداعاً نقولها بعد أن هدأت روحك التي بقيت تجاهد في الله وعملت ليل نهار، وسخرت كل ما أوتيت لخدمة الوطن، لم تأبه بالسجن ولا بالعذاب، لأنك كنت مخلصاً للوطن والدين ولا سواهما، أديت عملك بإخلاص وتفانٍ، يشهد بذلك القريب والبعيد، العزيز والذليل، العدو والصديق. ماذا نحكي ونقول عن هذا الرجل العظيم، ماذا نقول عن تلك الشيبة التي دخلت الزنانين، ماذا نقول عن ذلك الوجه الذي لم يسجد ولم يهن إلاّ لله... كلامنا فيك مهما طال لقليل. وداعاً إلى الأبد، لأننا لن نراك ثانية، وداعاً لأننا فقدناك إلى الأبد وستبقى معانيك وكلماتك خالدة فينا تحيي في الأجيال ما كنت تسعى إليه، ولذلك فأنت يا أبا جميل من الخالدين?

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 1566 - الثلثاء 19 ديسمبر 2006م الموافق 28 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً