العدد 1565 - الإثنين 18 ديسمبر 2006م الموافق 27 ذي القعدة 1427هـ

التعاطف والريادة

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

التعاطف أو معرفة مشاعر الغير, وكما يعرف باللغة الإنجليزية, «empathy» هو من ميزات البشر التي برزت أهميتها في أواخر الثمانينات. وذلك عبر صدور كتب عن السلوك الاجتماعي مثلEmotional Intelligence . ومازالت المفاهيم والأبحاث تدور عن التعريف والمفهوم الصحيح لهذه الفكرة أو الميزة. لكن على رغم ذلك نحن اليوم, وخصوصاً في مجال الإدارة, أوعى بكثير من قبل عن مدى أهمية الارتباط أو التقمص العاطفي في مناخ العمل.

«العواطف والمشاعر ليس لها محلاً من الإعراب في المكتب!» قد يقول البعض, لكن هذا تفكير متحجر يعود إلى العصر الفكتوري إذ كان الناس منقسمين إلى صنفين: الآمر والمأمور. والمأمور عادة كان شخصاً شبه مقيد لا يمكنه الفرار من نظام يعتبر العامل مجرد أداة أو آلة أخرى في المصنع.

اليوم لدينا أكثر من مجرد مصانع. فلدينا مكاتب ومرافق عملية كثيرة, ولدينا موظفون بشتى اختصاصاتهم وخبراتهم. ولهذا أيضاً لدينا الإدارة، كما هي عليه اليوم. فالإدارة أكثر من مجرد أوامر وأساليب تحاكي البشر، كما أنهم آلات منزوعة المشاعر. فهي تعاطف حرفي أكثر مما هي تعصب حرفي.

مثالاً, لدينا مدير يتعامل مع مأموريه وكأنهم رفاقه. يتعرف إلى ما يريدونه وما يسعون إليه في مجال اختصاصهم. ويحترم آراءهم بما فيها تلك التي تتناقض مع آرائه. ولكن في هذا التفاهم الاحترام وارد. وعبر هذا الاحترام لدينا تقمص عاطفي لما يفكر ويشعر به الموظفون. فإنهم بمثابة «أصدقاء» لكن في جو مهني.

وبهذا يمكن أن يتعرف المدير ليس فقط على خبرات زملائه المهنية, بل أيضاً على تلك الحسية التي يعود ناتجها عن كونية شخصيات الموظفين المختلفة. وفي هذا فائدة كبيرة وليس فقط الاحترام فحسب. بل أيضاً في معرفة كيفية التعامل مع وتنسيق مع فريق العمل لكي ينجز المطلوب.

قد يبدو موضوع التعاطف في مجال العمل غريب بعض الشيء, لكن في الكثير من الحالات التعاطف موجود من الأساس. فهي ميزة عادة ما نجدها عند المديرين الذين يحققون أفضل النتائج. ويعود تحقيق نتائجهم إلى تعاملهم مع موظفيهم بطريقة عادية ومن دون أي تبجح, تماماً كما يتعاملون مع أشخاص خارج نطاق العمل.

وفي بعض الحالات نجد التعاطف مفقودا لمن هم نسوا التواضع واعتادوا على الكلام والألقاب التافهة التي سلبت منهم إنسانيتهم تجاه من تحتهم (وحولهم!) ولهذا, نختم بتذكير بسيط بأن الإدارة لا تبدأ بأمر بل تبدأ بتفاهم. ولا شيء أفضل من التفاهم الذي فيه تعاطف مع مشاعر الآخرين وخصوصاً أعضاء فريق عملك?

العدد 1565 - الإثنين 18 ديسمبر 2006م الموافق 27 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً