يبدو أن عموم الشارع العربي بات مهيأً أكثر مما سبق لمزيد من المصادمات الداخلية. الوضع الشائك الذي تمر به المنظومة العربية يحتم على الجميع التعامل برويّة، وحساب كل خطوة بعيداً عن المزاج الطائفي المحسوس واللامحسوس، فلا الإقصاء نفع وينفع، ولا الاستعداء الداخلي أوجد حلاً ومخرجاً للأزمات المتعاقبة التي عصفت بالمنطقة. إن من يراقب أنهار الدم في العراق مثلاً، ويُكتب له أن يشاهد محطةً فضائيةً كقناة «الزوراء» لبضع ثوانٍ، فسيكون أول سؤال يتبادر إلى ذهنه: ما الذي تقدمه هذه القناة لبناء العراق الواحد؟ وماذا ستصنع عبارات التخوين والتسقيط والإثارة الشعواء التي تبثها سوى المزيد من تفتيت الأواصر وشق الصف، فضلاً عن سيول الدماء البريئة التي لن تتوقف؟ فلا العقل المنصف يجزم بحكمة وفاعلية هكذا أساليب، ولا أبسط بنود المهنية الإعلامية تجيز اللجوء إلى هذا النوع من «زلزلة» الشارع.
إذاً، في أسوأ الأحوال، وفي أقصى درجات الاختلاف والتحيز لطرف من دون آخر، لا مبرر لافتعال الحروب «الاستباحية» عبر وسيلة إعلامية تزعم أنها تنشد التعايش المشترك بين أبناء الوطن الواحد.
وعَوداً إلى هذا الوطن الحبيب الذي يبدو فيه الكل واضعاً يده على قلبه؛ خشية سقوطه في مستنقع مشابه للعراق أو فلسطين أو حتى لبنان، وهي بطبيعة الحال أقرب أمثلة يمكن لنا أخذ العظة منها. فلينتبه المعنيون إلى أن البحرين التي مازالت تعلق آمالاً كبيرةً على خطوات جلالة الملك الإصلاحية، ليست بحاجة إلى وسيلة هدّامة مثل «الزوراء» أبداً?
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"العدد 1564 - الأحد 17 ديسمبر 2006م الموافق 26 ذي القعدة 1427هـ