كان العنوان في الأساس طويلاً... لحية «تفلنزي» وعمامة «جمبازي»، وليس المقصود العنوان على إطلاقه. كما انه ليس موجهاً إلى كل من أطلق لحيته أو اعتمر عمامة، بل ينطبق على تلك النماذج السيئة فقط، التي تسيء أكثر ما تسيء إلى المتديّنين المخلصين الأوفياء لدينهم ومبادئهم، وليس لمصالحهم الحزبية أو الشخصية أو الفئوية.
وتحديداً هو عن فئة المنزلقين في متاهات النفاق و«التلويص» وتملق الجماهير بمخاطبة غريزة العاطفة الدينية الطائفية، أم السلطة السياسية متدثرة بعباءة الدين. وهي فئة بدأت تتوسع أفقياً، واجتاحت المجتمع البحريني، بسبب من تعاضد عوامل كثيرة أدت إلى انتشار هذه البثور في جسد المجتمع البحريني. وكان علينا التنبيه من خطابها الخطير على اللحمة الوطنية، وتفتيت المجتمع البحريني الآمن المسالم المتعايش منذ قرون إلى مجتمعات متعددة متشظية، وضخّ الحقد وفتح أنبوب التباغض في مجرى العلاقات الإنسانية بين البحرينيين.
هذه الفئة، فئة «التفلنزية» و«الجمبازية»، انتشرت تارة بـ (خيشة عيش) و(بيب دهن)، وأخرى بـ (كوبون) مشتريات، وغيرها بإثارة عاطفة دينية/مذهبية تجاه طائفة أو سلطة سياسية حاكمة.
تارة تتغنى بسمفونية «السكان الأصليين» وحقوق الطائفة، وأخرى تسترهب الناس من الطوابير الخامسة والسادسة والعاشرة... إلخ من «سويتشات» طائفية. كل ذلك بحثاً عن رصيد آن وقت حصاده!
الألفاظ الشاردة، والعبارات الواردة على ألسن «التفلنزية» و«الجمبازية»، والفوضى غير البناءة داخل المؤسسات التشريعية، والتقسيمات الانشطارية (التوزيع الوزاري الطائفي وشرعنته عرفاً)، وخطابات القوى السياسية الطائفية، كلّ ذلك يؤدي بنا إلى مجتمعات متعددة، وليس إلى مجتمع بحريني واحد وأسرة واحدة، كما تتغنى به دائماً يوميات برامجنا الإعلامية، أو كما تشير إليه نصوص الدستور والميثاق.
اللافت للنظر، أن مجموعات «التفلنزية» و«الجمبازية» (الطائفيين) يرفضون الطائفية بألسنتهم ويقولون: إننا ضد الطائفية، وإن الاستعمار هو من خلقها وأثارها... و... ولكن حينما تواجه أياً منهم معضلة فليس له إلاّ الرجوع إلى حضنه القديم... حضن الطائفة! وعلى رغم إصرارهم على رفض الطائفية قولاً، فإنهم أول من يتبنى الأجندة الطائفية! إن لم يكن في الغرف المفتوحة ففي الغرف المغلقة. اللهم أعنا على «التفلنزية» و«الجمبازية»، وأرنا فيهم يوماً أسود جزاء ما قدمت أيديهم!
«عطني إذنك»...
الأسوأ أن يتبوأ منبر نبي الرحمة والهدى (ص) من هو غير معروفة شهادته الشرعية أو مصادر علمه الشرعي، ولا يعرف من أين استقى هذا العلم أصلاً؟ فالمعايير ضائعة مائعة، ويجب إعادة تحديدها لكيلا يرتقي المنبر من لا مهنة له! وأيضاً، من المؤسف أن يكون من وصل إلى مرحلة متقدمة من العلم والمعرفة والثقافة أن يستخدم الطائفية لأغراضه الخاصة، سواء الانتخابية أم طلباً للزعامة الفارغة القائمة على الفزعات المتخلفة كالطائفة?
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1562 - الجمعة 15 ديسمبر 2006م الموافق 24 ذي القعدة 1427هـ