سبق وأن ذكرنا بأن كتابة المذكرات والملاحظات الشخصية تساعدك على إنجاز أعمالك (عنوان المقال: التغلب على المماطلة والكسل). فوضع سطر أو سطرين لما تنوي إنجازه قد يبدو أمراً بسيطاً وفي غاية السهولة. لكن على رغم ذلك, فإن التدوين مهم من الناحية النفسية. فكم من مرة شطبت عملاً أنجزته وأحسست براحة بال أكبر؟ على رغم ذلك, قد يذكر القارئ نصيحة اختصاصي إدارة الوقت وضغوط العمل, جيم بيرد. فبيرد ينافي استخدام قوائم الأعمال العادية (to-do lists,) لكنه لا ينكر أهمية تدوين ما تريد القيام به.
ينصح بيرد باقتناء مدونة يومية مع صفحة أو صفحتين لكل يوم لتدوين كل عمل يجب إنجازه في صفحة اليوم الذي تنوي أن تكمله, ويفضل أن تقسم الأعمال الكبيرة إلى أعمال صغيرة يمكن إنجازها على حدة. والمهم هنا هو أن تضع تاريخاً محدداً للانتهاء من تلك الأعمال, وأن تتعرف على جدولك يوماً بيوم, عالماً ما تنوي إنجازه ومتى, وليس فقط ما يجب إنجازه.
طريقة بيرد أكثر صحة للأعمال اليومية والتراكمية والمهنية, لكن ماذا عن الأهداف الأكبر والطموح التي تسعى إليها مثل المعيشية (التي تضمن تأسيس عائلة, تطوير حسك الفني, والمبادرة بالأعمال الخيرية)؟ هل يمكننا أن نضعها في صفحات يومية, ونشطبها كلما أنجزناها؟ طبعاً لا. هناك أمران يجب أن نضعهما في الاعتبار. الأول هو أن الأهداف المعيشية لا يمكننا أن نقول بأنها تكمل أو تنتهي. فهي ليست بمثابة تقرير يكتب ويكمل, ولا هي ذات مدة محددة, بل هي من دون جدول زمني. ثانياً, الأهداف المعيشية هي بوصلة لحياتك أكثر مما هي فرض محدد.
فإذاً, تدوين أهداف الحياة هو مجرد أداة لتنبيه نفسك عما هو مهم إليك وما يجب ألا تنساه. ومن أبسط الأمور التي يمكنك القيام بها هو كتابة بعض رؤوس الأقلام على ورقة وتضع تلك الورقة في محفظتك. المهم هو أن تكون دوماً معك تلك القائمة لما تنوي أن تعمله أو تحققه.
وبالنسبة إلى ما يجب أن تدونه, الأمر عائد إليك, فبعض الناس يفضلون التركيز على الأمور الأساسية في الحياة, مثل العائلة (مدونين أموراً مثل الزواج, تعليم الأبناء, وبناء المنزل)، البعض الآخر لديهم أهداف فنية (الكتابة مثلاً) والتطوعية (ممارسة الأعمال الخيرية لمساعدة المجتمع, الاستثمار في مراكز اجتماعية, إلخ) وأخيراً, هناك نوع آخر من الأهداف, وهي التي تتطرق لشخصية الفرد. فقد ينوي الشخص أن يكون أباً صالحاً أو يتحلى بصفة أو أخرى مثل الروح المرحة أو الطيبة (قد تكون تلك «الأهداف» غير ملموسة وغامضة, لكنها منبهات حتى لا ننجرف عن الطريق التي نسعى إليها والتي تختص بنظرتنا الخاصة للعالم والحياة).
في النهاية, ورقة بسيطة فيها فائدة كبيرة. فكلما وجدت نفسك تائهاً في الحياة, انظر إلى تلك الورقة وراجعها. فسيمنعك ذلك من أن تنسى ما هو مهم بالنسبة إليك
العدد 1559 - الثلثاء 12 ديسمبر 2006م الموافق 21 ذي القعدة 1427هـ