على أعتاب 2007 يدخل مجتمعنا تجربة نيابية جديدة حبلى بالكثير الذي نرجو أن يكون خيراً لهذا المجتمع. التشكيلة الجديدة للمجلس النيابي تضع أمامنا أسباباً عدة للتفاؤل وتوقع المنجزات، وتضع أيضاً أسباباً للقلق والتخوف، أنبأتنا بها بعض المؤشرات في أداء أطراف اللعبة السياسية فترة الإعداد للانتخابات وأثنائها. وحريٌ بنا -بعد أن نبارك للفائزين- أن نذهب أولاً إلى أسباب التفاؤل، عسى أن نوسّع هامشه في نفوسنا، وعسى أن يكون دافعاً لكل مواطن حريص -داخل النيابي أو خارجه- على استمرار النهج الديمقراطي الذي ارتضيناه سبيلاً لبحرين الحاضر والمستقبل.
أما أول أسباب التفاؤل فهو أن مجتمعنا سيشهد ثالث تجربة ديمقراطية بعد تجربتي 1973 و2002، وبذلك فهو يراكم تدريجياً تجاربه الديمقراطية. تراكم التجارب وتوفّر سبل دراستها وتحليل معطياتها إيجاباً أو سلباً، مدعاة لاستخلاص الدروس. أصبح أمام نوابنا الأفاضل وحكومتنا الرشيدة منهل قصير بعمر الزمن لكنه غني بمعطيات التجربتين السابقتين. والمنتظر من أطراف العملية السياسية استلهام دروس التجربتين المنصرمتين بالسعي إلى تعزيز الايجابيات والمضي قدماً فيما تحقق من انجازات، وتشخيص السلبيات وتفادي الوقوع في مطباتها من جديد.
من جهة أخرى اتسعت المشاركة الفاعلة من قبل جميع فئات المجتمع فيما نظمته الحملات الانتخابية من لقاءات وندوات ومناقشات، وكذلك ارتفعت نسبة مشاركة الناس في العملية الانتخابية. كل ذلك يعني أن التراجع عن الخيار الديمقراطي ليس في وارد هذا المجتمع. ومادام الخيار الديمقراطي هو خيار الناس، فالمتأمل أن تحرص أطراف العملية السياسية على هذا الخيار ساعية إلى توفير سبل وعوامل استمرار المسيرة ونجاحها بالنأي عن أي أداء معيق أو مجهض لها.
وصول «الوفاق» أكبر أطراف المعارضة التي قاطعت انتخابات 2002 إلى عضوية المجلس سيعكس تمثيلاً أكثر اتساعاً وعدالة لفئات المجتمع البحريني تحت قبة البرلمان، ما سيعزّز الثقة المحلية والخارجية في عدالة التمثيل الديمقراطي لمواطني هذا المجتمع في الغرفة المنتخبة من سلطته التشريعية. والمرجو أن يعني ذلك ذهاب المجلس إلى الملفات والقضايا الأكثر إلحاحاً والأكثر التصاقاً بتحسين الظروف المعيشية للمواطن ومتطلباته. وما ننتظره من تركيز نواب «الوفاق» على الملفات المذكورة قد يعكس نفسه على عموم المجلس فيترجح طرح الملفات الأكثر شمولية في البعد الوطني العام.
مشاركة «الوفاق» وفاعلية تناولها للملفات الأكثر التصاقاً بحقوق المواطن ستنعكس على جماهيرها التي من المأمول أن تتعاطى وتتفاعل ايجابياً مع عمل المجلس مُظهرَة دعماً لممثليها تحت القبة، وثقةً واطمئناناً لمنجز يلبي طموحاتها. وذلك بدوره سيحجّم عوامل الاحتقان السياسي على مستوى الشارع، ما سيسهم في تحول الأجهزة الأمنية تحولاً فعلياً نحو خدمة المواطن والحفاظ على أمنه. كما أن عوامل الهدوء والاستقرار ستضمن الاستمرارية في خطوات دمقرطة المجتمع وستدفع بعجلة الاقتصاد والتحديث للأمام.
من جانب آخر، أفرز الحراك السياسي والثقافي الذي واكب الحملات الانتخابية تطوراً نسبياً ملموساً في وعي المواطنين. وذلك كفيل بأن يجسِّر العلاقة بين المواطن وممثليه في المجلس النيابي أكثر مما سبق، فيوسع تفاعل المواطن مع ما يطرح تحت القبة ويجعل النائب يحسب ألف حساب لناخب أكثر وعياً، سيطالبه باستحقاقات نيابته عن الشعب. كما أن ذلك قد يفتح المجال لتقليص مساحة الموالاة للخط الحكومي بين أعضاء المجلس ويفضي لمستوى مثمر من تحالفات الكتل بشأن ملفات تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.
أمام معارضة فاعلة ومثابرة من الوارد أن تضطر الحكومة إلى التخلي عن بعض الآليات المعيقة لعمل المجلس كالتأخير أو التسويف أو التجاهل. ومن الوارد أيضاً أن يتسع مجال تشكيل لجان التحقيق حول أية تجاوزات تمس حقوق المواطن ومصالحه. وقد يوصل العمل النيابي الجاد التحقيق إلى استجواب الوزراء المعنيين، وربما يبلغ مستوى طرح الثقة بهم.
وصول النائبة لطيفة القعود للكرسي البرلماني بما تتمتع به من كفاءة اختصاصية وإدارية، سيشكل فرصة سانحة لإثبات قدرات المرأة البحرينية في ميدان التمثيل النيابي للشعب، وهو ميدانٌ لم تطأه قدماً المرأة من قبل. الثقة والتفاؤل بقدرات نائبتنا وبعطائها هي الغالبة في نفوسنا، ونتمنى منها الإخلاص والانحياز للوطن والمواطن مثلما نتمنى لها التوفيق والسداد
إقرأ أيضا لـ "فوزية مطر"العدد 1555 - الجمعة 08 ديسمبر 2006م الموافق 17 ذي القعدة 1427هـ