يناقش مؤتمر «أمن الخليج» عدداً من الموضوعات المهمة، والتي تأتي في فترة حرجة على شتى الدول الخليجية. وتتجاذب القراءات ووجهات النظر في أمن الخليج وتتخالف بالاعتماد على المرجعيات السياسية، ومستويات الفهم لمتطلبات الأمن في الخليج. قد يكون لمستوى الانحسار في دور الآلة العسكرية الأميركية في العراق دور في صوغ قراءة جديدة للأمن في الخليج، إلا أن أية قراءة - مهما بلغت موضوعيتها - لابد ألا تتجاهل تلك المخاطر التي مازالت تلتف بنا.
حوارات المنامة، التي يشارك فيه وزراء خارجية وداخلية ورؤساء الأجهزة الأمنية والأمن القومي والمفكرون والخبراء والمهتمون بقضايا الأمن في العالم ومن الكثير من الدول الصديقة والشقيقة، لابد ألا تركن إلى قناعات وهمية، مفادها: أن الخيار الدبلوماسي والإصلاح المتدرج من الداخل هما الآليتان الوحيدتان اللتان تستطيعان أن تضمنا الأمن في الخليج. وإذا كان من العقلاني جداً، أن نؤكد أن الخيار العسكري لم يكن الخيار الأفضل، فليس من العقلانية في شيء أن نؤسس لمرحلة يكون فيها الحسم دبلوماسياً صرفاً، وإذا كان العراق التمثيل الأوفى للإخفاق العسكري، ففي التجربة الأفغانية تمثيل مضاد على علاته. لابد ألا تعتبر دول الشرق الأوسط أن مجمل الضربات التي تعرض لها «جناح الحسم العسكري» في واشنطن ستكون الضمانة الأخيرة على أن حرباً جديدة في الخليج لن تقع، فتاريخ الحزب الديمقراطي ليس سلبياً - على صعيد استخدام القوة - إلى هذا الحد.
يصور البعض الملف الإيراني - الذي يمثل هرم التهديد لمعادلات الأمن في الخليج - بأنه الملف الأهم في معادلة الأمن في الخليج. ويطالبون بحسم هذا الملف لصالح أمن دول الخليج وجميع شعوب المنطقة. وطبعاً، لا أحد ينفي تخوفه من الإيرانيين وطموحاتهم في منطقة الشرق الأوسط ككل، وفي الخليج خصوصاً. لكن ذلك لا يعني أن نغفل - متعمدين - الخطر الأهم، وهو «الإرهاب»، فإذا كان الخطر الإيراني محصوراً بالإطار الخارجي لصراعات الدول فإن خطر «الإرهاب» يخرج من الداخل ويمتد. دول الخليج مازالت تجيد هواية «تفريخ» الإرهابيين، بل إن بعضها مازال يزج بهذه التيارات الإسلاموية ويصدرها في مناصب رسمية وحكومية عليا باعتبارها واجهة سياسية له.
تميز الأداء السعودي في تطويق الإرهاب منذ حوادث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، وكان البعد الأمني وتطويره محورياً في السياسة السعودية، فيما أخفقت دول الخليج الأخرى في أداء ما عليها من واجبات، فكان لنا أن نشاهد بقوة امتداد الأفكار الإرهابية والتكفيرية في أكثر من دولة خليجية. الأدهى من ذلك، أن الطائفية نمت، وأننا نقارب الوصول لساعة «صفر» يمثل فيها الإرهاب الطائفي والتكفيري أبشع صوره، وليس للإيرانيين دخل في ذلك. فتلك قضية أمن خليجي «صرفة»
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1555 - الجمعة 08 ديسمبر 2006م الموافق 17 ذي القعدة 1427هـ