الفوز الساحق الذي حققه الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز في الانتخابات الرئاسية واحتفاظه بالمنصب لفترة تمتد ست سنوات له أكثر من دلالة، ليس على الصعيد الداخلي فحسب ولكن يتعداه إلى العالم الخارجي. ولذلك انهالت التهنئات على الرجل من جميع أنحاء المعمورة بما في ذلك عالمنا العربي والإسلامي الذي يعتبر الرجل من أكثر المناصرين لقضاياه.
فمنذ أن جاء إلى السلطة عبر انقلاب كانت له مبرراته في العام 1992 أصبح تشافيز شخصية مثيرة للجدل وفاز بالرئاسة أولاً عبر انتخابات جرت العام 1998 شككت المعارضة في ذلك الحين في نتيجتها، لتقر أمس الأول بالهزيمة ونزاهة العملية. ولكن طبعاً ليست هذه نهاية المطاف فقد أصبحت للبلاد لأول مرة معارضة قوية بالطرق السلمية بدلاً من أساليب الانقلابات الثلاثة التي دبرتها من قبل.
وعلى الصعيد الخارجي، يعتبر تشافيز من الشباب المجددين للنظرية الاشتراكية الحديثة بعد أفول نجم الرئيس الكوبي فيدل كاسترو، وبالتالي فإن فوز الأول يعزز من مكانة الثورات الاشتراكية السائدة هذه الأيام في دول أميركا اللاتينية فمنذ عام فاز ايفو موراليس برئاسة بوليفيا وتبعه في نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي رافاييل كوريا في الإكوادور. هذا التغيير كان نتيجة طبيعية للسياسة الامبريالية للولايات المتحدة التي تزيد الفقراء فقراً والأغنياء غنى.
إن انتصار تشافيز المسيحي الديانة أثلج صدور قوم مسلمين في العالم إذ أنه أظهر خلال فترة حكمه السابقة تعاطفاً مع المستضعفين وبغضاً للظلم ولذلك جاءت برقيات التهنئة له عاجلة من دول عربية وإسلامية وكيانات سياسية وأحزاب. كيف لا وهو أول من سحب سفيره من تل أبيب احتجاجاً على الهجوم الغاشم الذي شنته الدولة العبرية على شعب لبنان في يوليو/ تموز الماضي.
وهكذا فإن النصر الذي حققه الساعون إلى الحرية والانعتاق من بيونغ يانغ شرقاً إلى كراكاس غرباً مؤشر على نزعة متزايدة لشعوب العالم المتحضر نحو الاستقلال الحقيقي وتعبير صادق عن النأي بالنفس من الهيمنة والسلوكيات المتعجرفة التي تتبعها دول الاستكبار والاستعمار الحديث
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1552 - الثلثاء 05 ديسمبر 2006م الموافق 14 ذي القعدة 1427هـ