العدد 1550 - الأحد 03 ديسمبر 2006م الموافق 12 ذي القعدة 1427هـ

البحث عن الجمال

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

كم من مرة رأيت فيها امرأة جميلة وسألت ترى ما هو الجمال, ما هو ذلك المقياس الذي يجعل من تلك الإنسانة حسناءً لا مثيل لها؟ ترى ما هو؟ عيناها؟ نظرتها الساحرة؟ شعرها المتألق؟ خطواتها الناعمة؟ فكل هذه الأشياء صفات خارجية, مظهرية لا تعني شيئاً على المدى البعيد. ولا شك بأنكم تعلمون بأن المظاهر قد تكون خداعة, ولا يمكننا أن نعتمد عليها لوحدها. فكما يقال: جمال الروح هو الأهم. فبينما يتجعد الوجه ويبيض الشعر, يبقى الإنسان على حقيقته, على حقيقة جماله الموجود بداخله والتي منها تستمد المعاني والمفاهيم والشخصية التي تجعلنا أن نحبها.

وما ذُكر لاينطبق فقط على الناس, بل أيضاً على كل جوانب الحياة بما فيها أمور التجارة والاستثمار والأعمال. فنحن نعيش في زمن تكثر فيه أهمية المظاهر. ولا ضير في ذلك, لكن المشكلة تقع عندما تزداد المظاهر الكاذبة والزائفة. فمثل عمليات التجميل, في هذه الرتوش لا توجد القيمة الحقيقية للمشروع أو الاستثمار كما أنها لا توجد لدى المرأة التي «ضبطت» نفسها عن طريق العمليات الجراحية.

فعندما تستلم زيارة من مندوب أحد المصارف و يعرض عليك آخر مشروع استثماري, قد تنبهر بكراسة المعلومات ذات الألوان الباهرة. أو قد تخجل من كثرة المدح والكلام الفارغ الذي عادة ما يمارسه باعة السيارات بقدر ما يمارسه مندوبو المصارف. لكن لا عليك من كل هذا, فكما تعجب بمظهر المرأة الجميلة من الوهلة الأولى, عليك أن تعجب بالشخصية ثانياً, بما فيها من ذكاء وصدق وكرامة. وفي نطاق الأعمال, هنا نعني مضمون العرض الاستثماري, وما يحتويه من خبايا ومخاطر وأساليب معترف بها وغيرها غير معترف بها, ومن وراء إدارة الاستثمار, الخ. فكما يقال في المصارف, عليك القيام «بالجهد اللازم» للتعرف على مصداقية الاستثمار وما يمكنك أن تتوقع منه.

فلا فائدة من أن نسلم أنفسنا (قلوبنا أو أموالنا!) من دون أن نثابر في كشف حقيقة العرض. فلا يلام أحد إلا أنت, لأن كل الأدلة والبراهين اللازمة لقناعتك في الاستثمار تبرز إذا سألت الأسئلة الصحيحة والصارمة والتي تهدف لفك رموز اللغز المصرفي «المعقد».

فلا تخاف من تلك التعقيدات, والتي هي عادة موضوعة من قبل محترفين في الكلام المتشابك. اعلم بأن المندوب مدين لك أكثر مما أنت مدين له.

وهو سيعمل كل ما بوسعه لإقناعك مهما تكن الصعوبات وطبيعة الأسئلة التي توجهها إليه. لكن اعلم أيضاً أن المندوب لا يجيب أكثر مما يسأل. فاسأل, واعلم وقد تجد نفسك مكتشفاً جمال عرض الاستثمار الحقيقي وفي ذلك قناعتك الواعية

العدد 1550 - الأحد 03 ديسمبر 2006م الموافق 12 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً