«أريد أن أعمل على هذا المشروع»، «أريد ترقية»، «أريد أن أقود سيارتك»، «أريد أن أستعمل بطاقة ائتمانك»، «أريد أن أريد أن أريد!» وماذا ترد أنت؟ «حسناً؟ نعم؟ حاضر؟» من أصعب الأمور أحياناً أن نرفض طلباً، وخصوصاً إذا وجدنا بأن الرفض قد يؤدي إلى شيء من خيبة أمل السائل وفي هذا نوع من الحرج، وربما تأنيب ضمير وقد نجد أنفسنا غير قادرين على الرد بصراحة وبدلاً من أن نخذل السائل, نخذل أنفسنا ونخفي شعورنا الحقيقي حول الطلب الراهن.
لكن هل يصح ذلك؟ هل يصح أن نكتم ردنا الصريح ونرد بموافقة لنتفادى إحراج الشخص مقدم الطلب؟ طبعاً لا! فالكثير من المشكلات في العالم، ومن بينها تلك الشخصية والعملية مستمدة من عدم القدرة على رفض المطالب. لا عيب في أن تمتنع من أداء عمل ما كما هو لا عيب في أن ترفض طلباً ما إذا شعرت بأن الرفض هو الرد الشافي أو الأخير. فإذا لم تصارح نفسك لا تعتقد بأنك قد صارحت من طلب منك شيئاً بقولك «حاضر» أو «نعم».
قد لا يبان الأمر فوراً، لكن هناك بعض من عدم الرضا الذي قد أو قد لا يصبح موضع نقطة ضعف لديك عندما تريد أن ترفض مطالب أكبر وأهم في المستقبل. وقد تجد بأن القطار قد غادر المحطة وأنك لا تستطيع أن تعيده ولا تلحق به.
فإذاً، الأمور لا تبدأ بالرضا التام والمطلق لكل الناس، بل تبدأ بالصراحة مع نفسك ومع من حولك. وعادة ما تكون تلك الصراحة منبعثة من شعورك الحقيقي نحو المطالب والأمور التي يريدها الناس منك. وإذا وجدت نفسك غير قادر على تحطيم قلوب من هم أعز وأقرب إليك برفضك لمطالبهم التي أنت لست مقتنعاً بها (أو في بعض الحالات, نخجل من عدم تنفيذ طلب لمن لا نعرفهم ولكن نستحي من عدم خدمتهم)، فإنك قد تحطم قلبك من دون أن تعلم. وما هو إلا الوقت حتى يتبين لك بأنك قد سلبت من نفسك القدرة على التحكم بما تريده وما لا تريده.
طبعاً، لا نقول إن عليك أن تكون أنانياً أو غير متعاون. على العكس، فإذا هناك طلب ما يمنح روحك السعادة والطمأنينة وهو حقاً ما تشعر به فهو ما يجب عليك فعله. لكن إذا وجدت نفسك مقصراً في حقك، فاعلم بأن لا يضمن مستقبلك أحد إلا أنت. وإذا لم يكن هناك لديك صوت قوي يمكنك أن تقول به كلمة «لا» كما تقول كلمة «نعم» فلا تلوم إلا نفسك عندما يتجرأ الآخرون على سلبك حقك في التحكم فيما تريد فعله وما لا تريد فعله?
العدد 1545 - الثلثاء 28 نوفمبر 2006م الموافق 07 ذي القعدة 1427هـ