طالب الزعيم الديني السيد مقتدى الصدر أمس الأول أمين عام هيئة علماء المسلمين الشيخ حارث الضاري بفتوى تحرم سفك دماء الشيعة، وذلك أملاً من الصدر في أن تكون هذه المبادرة وسيلة لردع بعض من يتعذرون بالدين لارتكاب المجازر. وفي وقت لاحق رحبت بعض القوى السنية في العراق بهذه المبادرة واصفة إياها بـ «الإيجابية».
فعلا إنها هذه المبادرة إيجابية، ولكنها ستعطي مفعولا إيجابية بحق إذا كان الرد عليها إيجابيا أيضا. ولكن في حال رفضت هذه المبادرة - للأسف - فإنها ستزيد النار حطب. ولكن فلنفترض الإيجابية، إذا نجحت هذه المبادرة وتمكنت من التملص من التسلط الأميركي والقاعدي في هذا البلد، فستكون مبادرة السلام الحق ومقدمة لحوار وطني جاد قد يقود البلاد إلى نوع من أنواع الاتزان مستقبلا. ومن ثمة لعراق واحد من دون تقسيم أو عنصرية وخلافات مذهبية.
ولكن فلنعد إلى أرض الواقع لبرهة لنتبين الوضع الراهن. إن المبادرة الصدرية فعلا مبادرة إيجابية لكنها جاءت - لسوء الحظ - وفي وقت متأخر جدا قد لا تنفع فيه أي مبادرة إذا لم تكن شاملة. إن نجحت بنسبة ما فستصطدم بحائطين أولهما مصيدة «القاعدة» وإن أفلتت منها فلن تفلت من فخ الجهل وحب المناصب الذي بات يستحوذ على الحكومة العراقية، إذ ذاق قادتها طعم الكرسي، حتى أمسوا عبيدا للمنصب وهم لا يفقهون منه شيئا، فمهما حصل لن يسمحوا لهذه المبادرة التي قد تزيحهم من على قمة الهرم لأنهم غير كفوئين بالنجاح. وفي نهاية السلم يقف الضعفاء من الأطفال والنساء والشيوخ ليتلقفوا شظايا الانفجارات والطلقات النارية.
وفي النهاية قد يكون السلام سرابا ما لبث أن تلاشى في طريق مقفر أو يكون واحة ماء تروي من طال ظمأه في الصحراء. لكننا نتمنى أن تنجح هذه المبادرة، علها تضيء شمعة في سواد ليل العراق، أو تبعث وميضا يعيد للطفل براءته وللأم راحة بالها وللأب مصدر رزقه
إقرأ أيضا لـ "محمد سلمان"العدد 1542 - السبت 25 نوفمبر 2006م الموافق 04 ذي القعدة 1427هـ