تحل علينا الذكرى العشرون لتدشين جسر الملك فهد الذي يربط بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية. هذا المشروع العملاق الذي رسخ العلاقة الأخوية والتاريخية بين المملكتين وزاد من ترابط المصالح بين الشعبين وتشعبها وعزز العلاقات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية بين مملكة البحرين وبقية دول مجلس التعاون. فقبل سنة تقريباً احتفلنا بوصول عدد من عبروا هذا الجسر إلى مئة مليون مسافر في الاتجاهين.
هذا الكم الهائل من الحركة البشرية جلب ويجلب معه الاستثمارات المشتركة في الاتجاهين وزيادة حركة البضائع وتكامل الأسواق والمزيد من التقارب الاجتماعي والثقافي. والعامل الأكثر إيجابية أن هذه الزيادة في الحركة البشرية تتسارع لتصل إلى 20 في المئة سنوياً فعند افتتاح الجسر كان معدل الحركة في حدود 11 ألف مسافر يومياً إلا أن هذا الرقم وصل إلى 67 ألف مسافر يومياً في الأسبوع الذي سبق دخول شهر رمضان المبارك بحيث أصبحت مملكة البحرين أكثر دولة يزورها المواطنون السعوديون وأجزم أن المملكة العربية السعودية هي أكثر دولة يزورها المواطنون البحرينيون.
ان كثافة الحركة التي وصلت في العام الماضي إلى ما يزيد على 4.5 ملايين مسافر عبروا الجسر قد أفرزت عدداً من النتائج الايجابية التي ينبغي ابرازها:
1 - ففي مجال الاستثمار اظهرت ارقام مركز البحرين للمستثمرين ان مجموع الاستثمارات السعودية في البحرين حتى نهاية العام 2005 قد بلغت 904ملايين دينار بحريني أي ما يساوي ثلث استثمارات البحرينيين انفسهم.
2 - وفي مجال التجارة تشير أرقام إدارة الاحصاء البحرينية إلى ان مجموع تجار مملكة البحرين مع المملكة العربية السعودية في نهاية العام 2005 بلغت قرابة 186 مليون دينار بحريني (صادرات وواردات) وان المملكة العربية السعودية هي أكبر شريك تجاري لمملكة البحرين. وفي هذا المجال لابد من ابداء ملاحظتين: الأولى، انه منذ العام 1999 فإن الميزان التجاري سجل فائضاً في مصلحة البحرين. فاذا اضفنا الى ذلك ارقام التجارة غير المنظورة من سياحة واستثمار فان ميزان المدفوعات سيسجل فائضا أكبر. والثانية، أن التجارة بين المملكتين تزداد سنوياً بما يقرب من 10 في المئة (صادرات وواردات) أي بنسبة تزيد عن معدل كل من نمو السكان وزيادة الدخل القومي لكل دولة ما يعني تسارع التكامل بين السوقين.
3 - وفي مجال الهياكل الاساسية ساهم الجسر في زيادة التنافس بين مطار البحرين الدولي ومطار الملك فهد الدولي في الدمام ما سيؤدي حتماً إلى تحسين الخدمات في المطارين للمواطنين والمقيمين، كما ساهم في زيادة التنافس بين المرافئ البحرينية والموانئ السعودية على ضفاف الخليج ما سيحسن الخدمة ويقلل كلفة التجارة الدولية للمملكتين، وينتظر ان يسهل الجسر عملية الربط الكهربائي بين الدولتين في اطار الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون المقرر اتمامه قبل نهاية هذا العقد.
4 - وفي المجال الثقافي والتعليمي يمكن الاشارة إلى جانب واحد فقط للاستدلال على عمق هذه العلاقات وتأصلها فقد وصل عدد الطلاب السعوديين الذين يرتادون المؤسسات التعليمية البحرينية في العام 2006 ما مجموعه 2603 طلاب منهم قرابة 2300 يدرسون في مؤسسات التعليم العالي.
4 - وفي الجانب الاجتماعي هناك علاقة تربط الأسر السعودية والأسر البحرينية منذ القدم لكن الجسر عزز هذه العلاقات ورسخها. فخارج العلاقات الأسرية القديمة والترابط القبلي يلاحظ المراقب الخارجي ان عدداً من الشباب البحريني بدأ يميل إلى الزواج من شابات سعوديات أكثر محافظة وان عددا من الشباب السعودي بدأ يميل إلى الزواج من شابات بحرينيات أكثر انفتاحاً وثقافة.
6 - وفي المجال الصحي تستقبل المؤسسات العلاجية في المملكتين المراجعين من الدولة الأخرى بكل أريحية ورحابة صدر ما زاد من التعامل والترابط الصحي بين المملكتين.
وقبل ان أختم هذه الورقة اود أن اشير إلى ان تسارع الزيادة في الحركة يقتضي تقديم المزيد من تسهيل الاجراءات تخفيفاً على الركاب الذي يمضون الساعات والدقائق الطويلة في انتظار دورهم لاكمال اجراءات الدخول والخروج وخصوصاً في أشهر الصيف الحارة، كما لا يفوتني في الختام الاشادة بالترحاب الجم والاريحية والكرم والبشاشة التي يلقاها المواطنون السعوديون والمواطنات السعوديات من اخوانهم البحرينيين والبحرينيات من مواطنين ومسئولين والتسهيلات التي يلقاها المستثمرون السعوديون من السلطات البحرينية المختصة والجهود غير العادية التي يبذلها المسئولون البحرينيون لتذليل اية عقبات قد يواجهها المواطن او المستثمر السعودي في وطنه الثاني مملكة البحرين الشقيقة
إقرأ أيضا لـ "عبدالله القويز "العدد 1542 - السبت 25 نوفمبر 2006م الموافق 04 ذي القعدة 1427هـ