تراجع خط الجهاد الإسلامي في الدفاع عن الإسلام ومقدساته بشكل خطير جداً، واقتصر على جهاد التصدق بشق تمرة، بعد أن كان جهاداً فاعلاً في نشر الدعوة الإسلامية على جميع الأصعدة، الأخلاقية والعلمية والثقافية والصناعية، ويدعو في جميع مناحي الأرض بالتي هي أحسن في الدفاع عن معتنقيه وأرضهم وعرضهم في شتى أقطار العالم.
حينذاك كسب الإسلام قلوب البشرية جميعاً، وهزم ما سواه في الأديان الأخرى ما أثار حفيظة اليهود والنصارى على دينهم من شبح الإندثار أسوة بالأديان الأخرى، فما كان منهم إلا أن رصوا صفوفهم مع صفوف الآخرين وحرضوا شذاذ الأرض على الإسلام ثم بعثوا بيننا من يدعى الإسلام لإشاعة الفرقة وتشتيت وحدة الأمة، فقادونا من حال إلى حال، حتى كفر بعضنا بعضاً ونسينا أن من قال أشهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة، فانشطرنا فرقاً وأحزاباً، وصنفنا على هوانا، مراتب الجنة وأصحاب الفردوس الأعلى من ظاهر الشكل وليس من مكنون ومضمون التقوى فكان ذلك هو أول انتصار تحقق لأعداء الأمة.
نعم، دخل شيطان الفتنة بيننا وبعين الشك والريبة لم يعد المسلم أخاً للمسلم الذي لا يظلمه ولا يسلمه، بل نظر كل منا إلى الآخر على أنه خطر عليه فهذا ملتحٍ متطرف وذلك حليق علماني وكأنما الاثنان لهما ايديولوجية مختلفة عن الإيمان بالله وأن محمداً رسول الله. تخلينا تماماً عن عقيدة: «لا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى»، تقوى القلوب التي بالصدور مكمن الإيمان والعمل الصالح، وتشبثنا بالمظهر.
والآن ما هي النتيجة التي آل إليها حالنا؟ لقد تراجع المسلمون عن الاعتصام بحبل الله جمعياً، وتراجعوا كذلك عن العمل العظيم في نشر الدين بسبب نظراتنا الغبية إلى بعضنا بعضاً من خلال الزي والمظهر، بدل الزي الروحاني الذي يسكن نفس كل مسلم، لذلك تقلصت الأرض من تحت أقدام هذه الأمة وبالتالي تقوقع الجهاد الإسلامي لينحصر بين المساجد والجمعيات الخيرية.
وبين هذا الذي يوصف بالمتطرف وذاك الذي يقال عنه علماني وجد اليهود والنصارى ضالتهم فعكفوا على ايقاظ شيطان الفتنة بين الملتحين والعلمانيين، مع أن كلاهما مسلم، فما كان من حكومات الدول العربية والإسلامية التي توصف بالعلمانية إلا التسابق ومن دون خجل في القبض على بعض الملتحين بصفتهم إرهابيين، أو على صعيد آخر المشاركة في عملية الحصار المفروض على تمرير الأسلحة التي كان وجهتها الدفاع عن أرض وعرض المسلمين في فلسطين المحتلة وأفغانستان والعراق، بحجة أن ذلك يغذي ما وصف زوراً وبهتاناً بالإرهاب مع أنه دفاع عن النفس.
يا للعار... «إسرائيل» المغتصبة للأرض وراعية كل إرهاب في العالم تتسلم أحدث الأسلحة التكنولوجية من جميع الدول الأوروبية، والمسلمون العاثر حظهم من سوء أعمالهم يحرمون حتى من وصول الأسلحة إليهم لحماية أنفسهم من المعتدي. فلسطين سلبت وأفغانستان صودرت والعراق مزقت إلى أشلاء والثروات النفطية نهبت, ضاع كل شيء بعد أن ضيعنا أسس وتعاليم ديننا العظيم.
نسألك اللهم اللطف بنا
إقرأ أيضا لـ "علي محمد جبر المسلم"العدد 1541 - الجمعة 24 نوفمبر 2006م الموافق 03 ذي القعدة 1427هـ