عانى الشباب زمنا طويلا من التغييب الثقافي والابستمولوجي، والاهمال لبرامجهم وأنشطتهم الثقافية والمعرفية التي تراجعت أمام مد وطغيان الاهتمام بالرياضة. وهم اليوم يستيقظون على قرع طبول الاعلان عن الاعداد والتحضير للاستراتيجية الوطنية للنهوض بالشباب التي تتبناها المؤسسة العامة للشباب والرياضة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي، في اشارة واضحة إلى اعادة قراءة لأوضاع الشباب في البحرين. وهي خطوة ايجابية نثمنها، وتبشر بصحوة تنير الطريق، وترسم معالم المرحلة المقبلة للشباب.
الاستراتيجية جاءت في وقتها المناسب من عمر التجربة الديمقراطية في البلاد، فهناك حاجة ملحة للتعرف على احتياجات الشباب في المملكة، والتقرب من همومهم ومشكلاتهم وتطلعاتهم، وصوغ البرامج والخطط التي تتناسب وتتكيف مع الواقع الذي يعيشه الشباب. وقيام المؤسسة بالتعاون مع جهة دولية لاعداد هذه الدراسة، ممثلة في برنامج الأمم المتحدة الانمائي، يفتح المجال للتطوير والاستفادة من الخبرات العالمية التي سبق وأن خاضت هذه التجربة. وستمثل الاستراتيجية القاعدة الأساسية للانطلاق في معالجة الوضع الشبابي الراهن، واعادة الاعتبار لشئون وقضايا الشباب ودورهم في المجتمع.
وقد تزامن الاعلان عن الاستراتيجية مع ولادة وتشكل الجمعيات الشبابية، وهي تجمعات لها حضور بين فئة الشباب، وتدار بواسطة شباب مثقف عزموا على تغيير المشهد الشبابي الجامد، وحقنه بالمنشطات والمحفزات في محاولة للاقتراب من تطلعات وآمال الشباب.
هذه الجمعيات قادرة أن تشارك بوعي ومسئولية وطنية في هذه المهمة التاريخية، وتقدم المعلومات والآراء لميول وتوجهات الشباب، وتعطي صورة مقربة عمّا يحدث في الساحة الشبابية. وستتعاون الجهات الأخرى الحكومية والأهلية في البناء الأولي للاستراتيجية، ومطلوب من الجميع أن يبدي رأيه وموقفه ويساعد القائمين عليها لتحري الحقيقة، اذ كيف يمكن اتخاذ القرارات في وجود نقص في المعلومات التي يسترشد بها الباحث.
ويؤكد على ذلك التطمينات التي وردت على لسان رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة الشيخ فواز بن محمد آل خليفة، بأن الباب مفتوح للجميع للمشاركة برأيه ومقترحاته في هذا الموضوع.
الحاجة لهذه الاستراتيجية لا تقل أهمية عن أي مشروع وطني آخر، وخصوصا أنها تتعلق بفئة مهمة في المجتمع. هناك الكثير من الشباب الذي يبحث عن ذاته، ولا يعرف كيف يروض طاقته، وتراه يقذف بنفسه إلى حيثما تسكن الموجة. وهذا الضياع الذي نلمسه لدى بعض الشباب من وجود الفراغ وعدم استثمارهم لقدراتهم العقلية والبدنية، يدفع بهم إلى التهور والضياع.
وهي أسئلة كثيرة ساخنة ومعلقة، طرحها الشباب أثناء اللقاء الشبابي الذي نظمته لجنة الأطياف الشبابية في الملتقى الثقافي الأهلي عن الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالشباب، وهي أسئلة تحاول أن تستنطق الواقع، وتقرأ أوضاع الشباب في الوقت الحاضر، وتؤكد على ضرورة وجود استراتيجية تعنى بهم، تنفتح على الآفاق الشبابية، وتستشرف المستقبل
العدد 154 - الخميس 06 فبراير 2003م الموافق 04 ذي الحجة 1423هـ