العدد 153 - الأربعاء 05 فبراير 2003م الموافق 03 ذي الحجة 1423هـ

الأعمدة... الدكاكين

أفرزت مرحلة ما قبل الإستعداد للانتخابات النيابية عددا من الأسماء والأعمدة في الصحافة المحلية... تدفع المرء لاعتزال الحياة عدا عن الكتابة، أسماء لا تميز بين الألف وأعمدة الكهرباء!.

الصور تتصدر الأعمدة في هيئات وزوايا مختلفة، أعمدة هي أقرب الى مخازن البيع بالجملة وبيع الأدوات المستعملة مثلما هي الأفكار المطروحة - اذا صح أن تطلق عليها صفة أفكار - مستعملة ومستهلكة، ومن بين كل هذا الكم الهائل من الغثاء يستوقفك عمود أو عمودان، يبدآن في التهالك والتآكل والثرثرة مع العمود الثلاثين، اذ لا جدوى من الحديث عن التردي الذي يصله العمود مع نهاية السنة المالية للصحيفة (365) عمودا، هي بمثابة (365) طعنة في خاصرة الكتابة، وهذيان و تنظير لسكان المريخ وكوكب المشتري.

وهناك استقطاب وتكريس لهكذا غثاء وزبد، استقطاب متعمد ومقصود من قبل بعض المؤسسات الصحافية هدفه إلهاء الناس وتعتيمهم وتجهيلهم، وإلا فما الذي يفسر هذا السخاء الطارئ تجاه عدد من تلك الأسماء في ظل شح وتقتير وتضييق من قبل تلك المؤسسات على كادرها الصحافي والإداري؟.

بعض تلك الأسماء يتقاضى مبالغ هائلة نظير الهراء والهرطقة الكلامية والتسويق للتجهيل والغيبوبة، فيما حولت تلك المؤسسات عددا من الأسماء الى أبواق وواجهات لمشروع من الباطن تصدت له تلك المؤسسات، مشروع تسويق خيارات وأحيانا فرضها.

أطالب بحصر الأسماء/النجوم اليوميين الذين تضخمت ذواتهم جراء المساحات المجانية / المدفوعة، ودونما أي احتجاج، على رغم تراكم الأخطاء المطبعية، ليصار الى التأكيد على حضورها الطارئ والمفتعل، لئلا تحسب وترصد ضمن ببلوغرافيا يصدمنا بها أحد العاطلين عن عمل أي شيء!.

ما يحدث هو ظاهرة مساحات أشبه بظاهرة المساحات والدكاكين في المجمعات التجارية وما ينقص تلك الأعمدة هو أرقام سجلات تتصدر الأعمدة أو الزوايا! والفرق بين الاثنين ان الدكان عليه استحقاق آخر الشهر أو مع نهاية العام، أما الأعمدة/الدكاكين، فيدفع لها جراء عرضها بضاعة كاسدة ومنتهية الصلاحية!.

ان استمرار هذه المهازل يؤذن بحال من تساوي الكتاب مع الخارجين على الذوق والآداب العامة والوعي... تساويهم مع الخارجين على القانون ! اذ ثمة قانون غير مكتوب يحكم العملية الإبداعية... أول بنوده أن يعي المرء طبيعة ما يمارسه من كتابة، وأن يوصل قيمة ما تعمل على تراكم الوعي العام، وأن يكون مجسا يتم من خلاله الكشف عن علل ومواطن الخطأ و الخلل في المحيط المجتمعي الذي يحياه ويتحرك من خلاله، وما يحدث هو غياب عن الوعي بما يصاغ ويكتب، وان قيما هي في طريقها الى التراجع (على الأقل قيم الكتابة ذاتها) وان المجسات الحقة مستبعدة ويمارس في حقها النبذ والإقصاء لأنها ليست على وفاق مع ذهنية المؤسسة والقائمين عليها، الأمر الذي يعطل منفذا من منافذ تجاوز الخطأ والخلل

العدد 153 - الأربعاء 05 فبراير 2003م الموافق 03 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً