حملت نتائج الحزب الجمهوري في انتخابات مجلسي النواب والكونغرس ما هو أكثر من هزيمة، وعلى أكثر الأصعدة. ليس آخرها الملف العراقي المأزوم من جهة، وليس أهمها انكماش ذلك المكون الاجتماعي المؤطر سياسياً في مؤسسة المحافظين الجدد من جهة اخرى.
بالنسبة لي، كنت أعتقد أن المكون «الاجتماعي» المحافظ للأميركيين سينتصر للجمهوريين على إخفاقات «السياسي» المرحلية هنا أو هناك، إلا أن شيئاً من هذه «النصرة» لم يتحقق، وكان الاميركيون أكثر «حدية» هذه المرة في رفض سياسات المحافظين الجدد.
الهزيمة الجمهورية لا تقتصر على فك سيطرتهم على مقاعد في مجلسي الشيوخ والنواب وحكام الولايات، بل لعل الأهم من ذلك هو امتدادها، إذ تكسرت «سلطة» مجموعة - المحافظون الجدد - كانت تُسير الحزب الجمهوري خلال السنوات الماضية بسياسات جريئة، لكنها ببساطة، غير مدروسة. تبعات تلك الأخطاء شملت المكون السياسي كافة، فكان سقوط الحزب الجمهوري تاريخياً بامتياز، وبالقدر الكافي لإعطائي المبرر لاعتبار ما جرى أكثر من هزيمة. على الجانب الآخر، يبدو الديمقراطيون في نشوة انتصار تاريخي بالمقابل، والأهم من ذلك، أنه أتى في وقته تماماً، فليس في مقدرة الديمقراطيين أن يتحملوا هزائم انتخابية جديدة. الجمهوريون باتوا اليوم مدركين أن الحزب الديمقراطي عائد لاستعادة تأثيره السياسي بقوة، وأن على الرئيس بوش أن يضع في حساباته أن مؤسساته السياسية اليوم باتت ضده.
ليست المرة الأولى التي ينتصر فيها الديمقراطيون في الانتخابات، مشكلة الديمقراطيين أنهم دائماً وأبداً يعجزون عن الحفاظ على مكتسباتهم السياسية، لن يكون انقلاب مجلسي النواب والكونغرس الأميركيين للجهة الديمقراطية قاطعاً مركزياً في السياسة الأميركية الخارجية تحديداً، فالرئيس الأميركي كلينتون أدار برنامجه السياسي إبان فترة رئاسته بفاعلية، ولم يكن المجلسان الجمهوريان حجري عثرة أمام برنامجه، وعليه لابد أن لا يعتبر الديمقراطيون سيطرتهم على المجلسين نصراً مكتمل العناصر، فلازال المحافظون الجدد يشربون قهوتهم كل صباح في حديقة البيت الأبيض. الأهم من هذا، وذاك. هو أن المحافظين الجدد باتوا اليوم أمام إختبار صعب، فإما أن تنجح خطواتهم التصحيحية في اجتياز اختبار معركة الرئاسة بعد 3 أعوام، أو أن يغادروا سدة التخطيط والتحكم بالحزب الجمهوري. هذا الاختبار الذي ستكون مدته 3 سنوات يقتضي من المحافظين الجدد أن لا يغامروا بحرب جديدة في الشرق الأوسط، وهو ما يعني أن على كل من إيران وكوريا الشمالية وسورية أن تدرك أن فرص الدخول في حرب مع الأميركيين في ظل إدارتهم الحالية باتت ضئيلة جداً
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1527 - الجمعة 10 نوفمبر 2006م الموافق 18 شوال 1427هـ