العد التنازلي للخامس والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني سيفرز على الساحة كثير المهاترات الانتخابية، وبالتوازي مع عمليات شراء الأصوات ورواج الشائعات لابد ألا نغفل عن أخطار أخرى تلتف بالعملية الانتخابية. ليس أهمها الإعلان عن تمييز بين التيارات السياسية السنية في خطى الموالاة والمعارضة بالسواء. ويستحق هذا الأمر منّا بعض الاهتمام.
يدرك المراقب أن تزويراً في دوائر الوفاق سيكون من السهل اكتشافه، وستكون بالتالي له تبعاته الخطيرة على مرحلة ما بعد الانتخابات. لذلك، لا يتبقى أمام من يرغب في «التخريب» من خيارات سوى أن يرمي بثقله كاملاً في الدوائر المختلطة، وفي هذه الجزئية كلام كثير، ومتناقضات أكثر.
خلال اليومين الماضيين أبدت الجمعيات السياسية - ذات النفس المعارض - مخاوفها من كثير الإشارات الدالة حول أن منغصاً ما قد يحدث في بعض دوائر العاصمة والوسطى والمحرق، هذه المنغصات والإشارات والاستنتاجات - وإن كانت تفتقد حتى الآن لدليل ملموس - تفهمها جمعيات المعارضة كرسالة ثابتة، مفادها أن المقعد «العشرين» داخل المجلس النيابي هو مجرد ضرب من ضروب الخيال.
ولا يقتصر الخوف على الجمعيات المعارضة، بل يمتد نحو مترشحي قطاع «رجال الأعمال»، والذين يُواجهون في بعض الدوائر بحملة تسقيطية شرسة من قبل تيار سياسي إسلامي معروف بعدائيته لتلك الطبقة، قد تفضي نتيجة هذه الحملة إلى أن يهمش هذا القطاع تمثيلياً داخل المجلس من جهة، وأن يتجه المجلس القادم سياسياً وتشريعياً ضد هذه الطبقة ومصالحها تحديداً، وهو ما يعني بالضرورة انفكاك رجال الأعمال - ولهم الحق في ذلك - عن الالتزام الأدبي بالمشاركة في العملية التنموية مع مجلس نيابي يعمل ضد مصالحهم.
بعض الجمعيات السياسية أبدت استعدادها للتعاون مع «القطاع الخاص» والدفع نحو إعطائه الفرصة نحو أن يمسك القطاع بدفة التغيير الاقتصادي في البلاد، إلا أن أحداً من هذه الجمعيات لم يبد استعداده للتحالف الإستراتيجي معه. وتشير أكثر الدلائل إلى أن هذا القطاع بات الضحية الأكبر بين ضحايا الفرز الطائفي السائد، على رغم انه تحديداً ما يعول عليه في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا الوضع الاقتصادي المتأزم في البلاد.
في المحصلة، نجد أن الدوائر الخارجة عن قبضة الوفاق تعيش حالا من التذبذب، وان مستويات الثقة في نزاهة الانتخابات أمام «غول» المراكز العامة وأصوات الناخبين المتجولين تبدو على المحك، ووفق هذه المعادلات المفتوحة من القلق تبدو المؤسسات الحقوقية «ضعيفة» لا تبعث على الطمأنينة، آخرها كان صيحة ميثاق الشرف الذي يقتضي القبول بنتائج الانتخابات أياً تكن.
المضحك هو أن الحكومة نفسها لم تسعى لذلك، ودعاة مراقبة «الشفافية» وضمانها فعلوا. ويبدو أن لا أحد سينجو، سواءً، أكان خط موالاة، أو رجل أعمال طامح، أو معارضة
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1524 - الثلثاء 07 نوفمبر 2006م الموافق 15 شوال 1427هـ