سؤال استباقي ربما يراه البعض ليس في محله، ويعتبره البعض الآخر نشازاً في معارك انتخابية حامية الوطيس، لكنه يخبئ وراءه مستقبل مجتمعاتنا ومستقبل ترابطها وتآلفها.
ضريبة الانتخابات في بلدان غربية (وحتى عربية) يدفعها عشرات الأبرياء الذين يُذبحون بطلقات عابرة من أجل انتصار ناخب لمرشحه، وفي بلدان مواطنوها يحكمهم الدين والوعي قبل القانون (كالبحرين) أدنى ما يدفعه المجتمع حرب اصطفافية وتجريحية واستعداءات عائلية وحزبية، تنتهي الانتخابات ويصعد من يصعد ويهوي من يهوي وتبقى التبعات يتحملها المجتمع لوحده.
في ساعات الزحام الانتخابي لا يعي أحد ما ستخلفه هذه الساعات من تمزق في نسيج المنطقة الواحدة بل حتى الأسرة الواحدة، وتمتد آثاره إلى أشهر وسنوات، كل الهمّ أن ينتصر زيد ويخسر عَمرو فحسب، ولأجل أن يفوز المرشح لابد أن يضحى ناخبوه بعلاقاتهم الوثيقة وألفتهم القديمة مع إخوتهم ناخبي المرشح الآخر، وإن اضطرهم الأمر إلى تشويه السمعة وتلفيق الافتراءات وكشف الملفات التي عفا عليها الزمن. المشكلة التي لا يكلف الكثيرون أنفسهم عناء النظر إلى أعراضها المستقبلية، هي: ماذا لو سقط مرشحهم وخرجوا بخفّي حنين؟ فلا ناقة لهم حينها ولا جمل، سوى أنهم دخلوا بقلوب متحابة يملأها الود والتراحم، وخرجوا بأضغان وخصامات، فقدوا صداقات حميمة دامت ردحاً من الزمن. إذاً، هذا ما تتركه المعارك الانتخابية غالباً... فهل يعي الناس ويلتمسون طريقاً وسطاً لا حراب فيه ولا شقاق؟
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"العدد 1522 - الأحد 05 نوفمبر 2006م الموافق 13 شوال 1427هـ