العدد 1522 - الأحد 05 نوفمبر 2006م الموافق 13 شوال 1427هـ

أرض الميعاد

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

في مخيلة كل واحد منّا أمر لا يمكن المفرّ منه, وهو إننا لا نتجه نحو المحيط من دون سبب. ولا سبب من دون هدف, فكل شيء مرتبط بالآخر. وفي هذه الروابط التي تأتي من هنا وتنتهي هناك, لدينا ما يمكن تسميته بالشبكة الكونية التي تحاكي العقول والنفوس على صعيد آخر. صعيد يتخطى المألوف ويقترب من المجهول. والمجهول مكان تقبع فيه الأحلام, الأهداف, الصدف, المخاوف والمخاطر, والنجاح والسعادة. لكن كيف نبحر غمار ذلك المحيط نحو المجهول, من دون علم إن كنا على صواب أم خطأ؟

قال سقراط إن الحكمة الحقيقية هي أن تدرك بأنك لا تعلم أي شيء. وينطبق هذا القول على كل مبحر في محيط الحياة والعمل. فالتواضع والاعتراف بأنك تلميذ الحياة والكون وكل التجارب التي ستحظى بها هي من الأشياء التي تغرس نوعاً من المصداقية في تربة وجودك. فما الحياة إلا فرصة ؛لأن تفهم معنى الوجدانية بما فيها من الأمور الصالحة وغير الصالحة, والأمور النبيلة و تلك الفاسدة. وما عليك إلا أن تعتزم الإبحار نحو الإيجابي, والابتعاد عن السلبيات وعدم رمي نفسك في متاهات ومغريات لا فائدة منها.

كلام سهل القول, لكن عادة صعب التنفيذ. فالحياة, بما فيها من أعمال وفرص, معقدة و يصعب الاختيار فيها في الكثير من الحالات. لكن ما في الأمر هو أن تدرك بأنك لست وحدك مبحراً. فهناك من وراءك, ومن أمامك, ومن بجنبك. ولا يمنعك شيء من أن تتواصل مع من حولك لتكتشف مقصدك. فالحياة أكثر من مجرد الذهاب إلى مكان ما, فهي أيضاً كما يكثر القول, الطريقة التي تصل فيها إلى مرادك. وعادة ما تكون تلك الطريقة التي تتبعها هي ما تمنحك رؤية أوضح تعرفك بكل ما هو مهم بالنسبة إليك. وفي هذا تجد نفسك أكثر تحكماً في اتجاهك واختياراتك, أو بتعبير أخر, أهدافك ومسعاك.

قال بلاتو: إن الإنسان هو مخلوق يسعى للفهم. فلا شك بأن الحياة هي رحلة استكشافية نقوم بها, فدعنا نخطأ ولكن دعنا أيضاً نتعلم وندون أخطاءنا لمن يعقبنا. وفي التدوين إبراز لإنسانيتنا بالاعتراف عن أخطائنا مثلما نفتخر بإنجازاتنا وفي ذلك عمل أكبر بكثير من أي شركة, عقد أو تحقيق أرباح نقوم به.

قد يبدو ما ذكر بعيداً عن المال والأعمال والاقتصاد, لكن هو أقرب مما تعتقد. فأنت كشخص ذي أخلاقيات و سلوكيات اجتماعية لا يمكنك أن تنكر وجود ما حولك. وما حولك ليس فقط ما تدركه من أرقام وخسائر وأرباح, بل أيضاً ما لا تدركه من أمور واردة في محيط يسمى بالحياة. حياة تتطلب الاتصال والتشابك لإيجاد معناها الحقيقي

العدد 1522 - الأحد 05 نوفمبر 2006م الموافق 13 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً