العدد 152 - الثلثاء 04 فبراير 2003م الموافق 02 ذي الحجة 1423هـ

حتمية الحرب مستمدة من أهدافها

عمران سلمان comments [at] alwasatnews.com

.

على رغم الحشود العسكرية الأميركية الضخمة في المنطقة. وعلى رغم التعبئة السياسية والإعلامية والدبلوماسية الهائلة، هناك قلة لاتزال ترى أن الحرب لن تقع. ومنطقها في ذلك أن من يسعى إلى الحرب لا يهدد عادة، وإنما يشنها على حين غفلة، وبأقل قدر من الكلام والجلبة.

وهذا المنطق صحيح في الأحوال العادية، وهو صحيح بالذات في حال كان الخصمان على المستوى نفسه من القوة أو أحدهما أقل قوة من الآخر بصورة طفيفة، وبحيث يكون عنصر المفاجأة مرجحا.

لكن في الحال الأميركية العراقية الراهنة لايبدو كذلك. فحجم الفارق في القوة بين البلدين صارخ إلى درجة أن المفاجأة لا تأثير لها على الأرض. وثانيا، الولايات المتحدة تريد لحربها في العراق أن تحظى بقدر من التفهم والقبول، ليس في أوساط الأميركيين أو حلفائها الطبيعيين فحسب، ولكن في أوساط بقية العالم أيضا. ومن شأن ذلك أن يجعلها تكثر من شرح دوافعها وتبيان وجهة نظرها بأوضح صورة ممكنة.

الأمر الآخر أن طبيعة العصر الذي نعيش فيه، تجعلنا على تماس مباشر مع التطورات العالمية، وحجم التدفق الإعلامي اليومي يدفعنا أحيانا إلى تصور أن ما نسمعه من تصريحات أو إعلانات سيتبعه مباشرة وفي اليوم التالي أفعال وأعمال وحروب.

لكن ذلك ناجم عن هذه الطبيعة التي يصح القول إنها قد ضيقت من حدود قدرتنا على الانتظار فحسب، وجعلتنا نافدي الصبر، تماما كما هو حال الإدارة الأميركية مع العراق.

لكن الحروب، وحرب العراق واقعة لا ريب فيها، تتطلب بالتأكيد أكثر من مجرد التصريحات. فهذه الأخيرة إنما تقال ويجري مفعولها بين الناس بغرض الحشد والتجييش والتمهيد، وليس للإعلان عن مواعيد.

مشكلة العراق أو ربما سوء حظ النظام الحاكم فيه أن مصيره ارتبط على نحو مباشر وسببي بجملة كبيرة ومعقدة من الأهداف الأميركية، يختلط فيها النفط بمحاولات تأكيد الهيمنة، بجهود مكافحة الإرهاب إلى العمل على إنشاء شرق أوسط جديد. وبات متعذرا تقريبا تفكيك هذه الأهداف أو النظر إلى كل واحد منها على حدة.

إن الذين يسعون إلى إرجاع الحرب الأميركية في العراق إلى عامل النفط وحده أو تأكيد الهيمنة وحدها، هم محقون على نحو جزئي فقط والصحيح أن الجواب يكمن في تلك العوامل مجتمعة.

إن سعة الأهداف هي السبب الذي يفسر حجم الاهتمام العالمي بهذه الحرب، سواء المعارض منها أو المؤيد أو المتحفظ، لأن تأثيرها سيمتد إلى مساحات أوسع بكثير من الرقعة التي تجري عليها، وإلى سنوات مقبلة أبعد من زماننا الحالي.

ولذلك فان حربا تكون هذه أهدافها، هي حرب واقعة لا محالة. فالبديل عنها هو المخاطرة تماما بالإخفاق في تحقيق هذه الأهداف. وهذا ضد السلوك الطبيعي للإمبراطوريات والدول الكبرى، بل هو ضد منطق السياسة نفسها

العدد 152 - الثلثاء 04 فبراير 2003م الموافق 02 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً