على رغم انتهاكه الصارخ الأعراف الدولية ومن خلال بينات دامغة، دافع المبعوث الخاص للأمم المتحدة في السودان يانك برونك عن مهمته في هذا البلد، مؤكداً أن الخرطوم أمرت بطرده لأنه «اتهمها مراراً بمواصلة الحل العسكري في دارفور».
وحاولت المنظمة الدولية حفظ ماء وجه الرجل بإعلانها أنه مازال الممثل الشرعي لها في السودان وأشارت إلى أنها هي التي تقرر تعيين أو إنهاء خدمات موظفيها. لكن الرأي العام يتساءل: هل من حق موظفي الأمم المتحدة التدخل في الشئون السيادية للدول التي يعملون فيها؟ وهل من حق برونك أن يصرح بأن الجيش السوداني تعرض لنكسات في دارفور وأن معنوياته في الحضيض وهو الجيش الذي قاتل في أدغال الجنوب عقوداً طويلة ولم تستطع ميليشيات جون قرنق المقدر عددها بنحو 50 ألفاً من الاستيلاء على مدينة استراتيجية واحدة في الجنوب، فما بالكم بأرض دارفور المكشوفة؟
ثم إن مبعوث عنان تدخل في قضايا داخلية أخرى مثل النزاعات الروتينية التي تنشأ بين الدولة ومواطنيها، وتدخل في تقارير سالبة دائماً عن سير اتفاق السلام مع متمردي الجنوب السابقين، إذ ظل يرفع تقارير خاطئة ومتحيزة تجلب إلى الخرطوم قرارات أممية فوقية غير مدروسة.
ولماذا ينتقد المسئول الأممي حكومةً أرادت بسط سيطرتها الأمنية على كامل ترابها من خلال عمل عسكري يقوم به جيش وطني؟ فالرجل طبعاً يريد جيشاً مستورداً كما هو واضح من خلال الضغوط لنشر قوات أجنبية في دارفور. ثم إن الحرب كر وفر فإذا انهزم فصيل من الجيش الحكومي في معركة فإن المتمردين الذين يناصرهم برونك لم يستطيعوا البقاء في ذلك الموقع.
لقد وجدت التصرفات المشينة لممثل عنان في السودان استنكاراً حتى من زملائه الدبلوماسيين الذين قالوا عنه إنه «رجل مثير للجدل»، ليس في هذه القضية فحسب بل في إدارته مكتب المنظمة من خلال التجاوزات المالية التي ارتكبها بإسرافه في الأموال في ظرف تسعى فيه الهيئة الدولية إلى الترشيد في الإنفاق.
وعموماً، ننتظر لنرى هل ستتجاوب الخرطوم مع المناشدات الرامية إلى استضافته مرة أخرى ولو لأسابيع قليلة أو أيام معدودة حتى يلملم أوراقه ويقوم بعملية التسلم أم لا؟ وعلى خلفه أن يأخذ العبرة من الحدث
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1516 - الإثنين 30 أكتوبر 2006م الموافق 07 شوال 1427هـ