بعدما أدرك المترشحون الأساسيون للرئاسة الفرنسية نهائياً أهمية الصوت العربي المغربي الذي يمكن ان يرجح كفة الميزان, يركز هؤلاء في هذه المرحلة على إطار هوامش فعلية للفرنسيين من أصل مغاربي، المنتمين لأحزابهم للعب أدوار تهدف من جهة، لجذب هؤلاء لصناديق الاقتراع من خلال تقديم خدمات لهم قبل موعد الانتخابات في مايو/ أيار المقبل, ومن جهة أخرى، إعداد زيارات لبلدانهم الأصلية، تحديداً كل من الجزائر والمغرب وتونس للقاء مسئولين فيها وبالتالي محاولة كسب ودهم واقناعهم بدعمهم عبر إعطاء الضوء الأخضر لأجهزتهم وشبكاتهم وجمعياتهم الموجودة في فرنسا للتحرك باتجاه الجاليات والتأثير في قرارها الانتخابي.
فبعد ان زار وزير الداخلية الحالي نيكولا ساركوزي ومرشح حزب «الاتحاد من أجل الأكثرية الشعبية» الموجود في سلطة المغرب فانه يستعد للقيام بزيارة الجزائر يلتقي خلالها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقه والأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الجزائرية عبدالعزيز بالخادم ويرافق ساركوني في تحركه القادم هذا نخبة من الفرنسيين من أصل جزائري تم استقطابها في الأشهر الأخيرة موزعة على جميع القطاعات, فعلى رغم الهالة الإعلامية التي يحاول فريق ساركوزي الانتخابي إحاطتها بهذه الزيارة وتوظيفها في السياق الرئاسي، فإن المؤشرات والمعلومات التي توافرت حتى الآن في العاصمة الفرنسية نقلاً عن مصادر جزائرية مسئولة تؤكد أن حظوظ وزير الداخلية الفرنسي في كسب ود السلطات الجزائرية «الغاضبة» من حزب هذا الأخير نتيجة تصويته على القانون الذي يعتبر للاستعمار الفرنسي جوانب ايجابية ضعيفة للغاية. ناهيك عن تصرفاته ومواقفه المعلنة، المهينة للشباب من أصل مغاربي في الضواحي والذي يشكلل الجزائريون غالبيته، يضاف إلى ذلك، أن الرئيس الجزائري يجاهر بصداقته للرئيس جاك شيراك - على رغم الغضب الحاصل -، ولا يمكن والحالة هذه دعم خصمه اللدود الذي خرج عن طاعته وبدأ تحديه.
من ناحية أخرى أبلغت المرشحة الأوفر حظاً لدى الحزب الاشتراكي «سيغولين رويال» عبر اقنيتها
المغربية بزيارة الرباط ولقاء العاهل المغربي، الملك محمد السادس ورئيس وزرائه إدريس جطو وعدد من الفعاليات السياسية. ويلعب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» الذي يرأسه محمد اليازغي «أساسية» في ترتيب هذه الزيارة والعمل ما أمكن على إنجاحها، ولو من الناحيتين الإعلامية واللوجستية.
وإذا كانت مواقف سيغولين رويال بالنسبة للفرنسيين من أصل مغاربي وشباب الضواحي، وأيضاً حيال المهاجرين عموماً مقبولة، خصوصاً في جوانبها الإنسانية، إلا أنه من المستبعد أن تلمح المملكة المغربية إلى تأييد هذه الأخيرة او الايحاء بالوقوف إلى جانب خصمهما في اليمين، سواء أكان ساركوزي أو أي مرشح آخر يتبناه الرئيس شيراك قبل نهاية هذا العام. وذلك كون التقاليد المتبعة لا تسمح بذلك. ويذكر المراقبون بأن «هوى» الرباط كان دائماً إلى جانب اليمين الفرنسي المعتدل أي منذ أيام الرئيس شارل ديغول مروراً بجيسكار ديستان، وانتهاء بجاك شيراك الصديق الشخصي للملك الراحل الحسن الثاني والذي يعتبره محمد السادس بمثابة أب روحي في السياسة الخارجية، إضافة لكونه يقف إلى جانب بلاده في الصعوبات الاقتصادية كما السياسية، خصوصاً فيما يتعلق بنزاع الصحراء الغربية مع الجزائر.
لذلك فمن غير المتوقع أن يتخذ المغرب موقفاً بعيداً عما يتمناه الصديق الصدوق شيراك.
فمن الآن وحتى عشية الانتخابات الرئاسية الفرنسية ستشهد عواصم دول المغرب العربي الثلاث الذي يبلغ عدد جالياتها التي يملك حق التصويت نحو 4 ملايين جولات مستمرة من قبل المرشحين أنفسهم كذلك مستشاريهم ورموز شبكتهم الذي يرتبطون بعلاقات وثيقة مع أصحاب القرار في البلدان «المستهدفة»
العدد 1511 - الأربعاء 25 أكتوبر 2006م الموافق 02 شوال 1427هـ