«القانون متعالٍ عنيف وغير عنيف لأنه يتوقف على من هو أمامه وعلى من ينتجه ويؤسسه ويفوضه...».
جاك دريدا
القانون كائن لا منطقي، غير منضبط. وإلا، فما معنى هذه التأويلات المتعددة له، والتي لا تتماثل إلا في كونها تتخالف، لا أكثر. أن تنتج القانون معناه، أن تنتج قراءاته معه، وتبقى حينها فرص واحتمالات التأويل للماثلين أمامه مفتوحة، تبقى تفويضية القانون ومفاهيمية تفعيله مساحات من اللاانضباط، وهو ما تحتاجه أي سلطة، تعمل وفق أي منظومة ثقافية، وتتعامل مع أي من أولئك الذين يجب عليهم أن يتسايروا مع تأويلات القانون، لا القانون نفسه.
قانون الإرهاب في البحرين، قانون منتج، يعطيه تأويل السلطة المنحاز فرص الفاعلية والملاحقة حين يهدم «سور مدرسة»، أو حين يطالب أحدهم بـ «وظيفة» أو بالإفراج عن معتقل. وهو، القانون نفسه، معطل، مستبعد التنفيذ، وبعيد الفاعلية حين يتم القبض مثلاً على شبكات إرهابية، هنا، أو هناك.
هذا القانون «القار» نصاً، «المزاجي» تأويلاً، المصاب بفقدان الذاكرة لا يستثمر أو يفعل حين يضبط من يتطلع لإنجاز العمليات الانتحارية والانضمام لكواكب البن لادنية، لكنه يتأهب للمباغتة والملاحقة لأناس لا يمتلكون إلا أصواتهم التي بحت من الصراخ بحثاً عن مأكلها، مشربها، وفي بعض الأحايين، عن مسكنها الذي يأوي أوجاعها، ويستر آهاتها عن الفضح.
وفق هذه المعادلة لهذا القانون (اللعبة)، يبقى أن ننتظر من باقي سلسلة القوانين «المزاجية» فعاليات التفويض التي تلائمها، وفي هذه اللحظات بالذات يبقى السؤال بشأن ماهية «المؤسسة» التي يقع على عاتقها تنفيذ القانون مفتوحاً، ينتظر الرد، وإذا كانت مؤسسة القضاء أعلى من مساءلة مجلس النواب، فهي ليست في حل من سؤال هذا الجهاز المزعج (الصحافة).
لا تروق لي البتة، فكرة أن القضاء أو النيابة العامة هما مؤسستان فوق المساءلة في أي تجربة ديمقراطية ناشئة، وإن كانت التشريعات والقوانين العامة قد حمت/ تسترت على هذه المؤسسات من المساءلة المباشرة من قبل السلطة التشريعية، فللصحافة أن تسأل، وهي بذلك لا تشكك في نزاهة القانون، أو حتى تأويلاته تلك.
نتساءل: هل سيطبق قانون الإرهاب على من يسعى إلى القيام بعمليات إرهابية أم أن تطبيق القانون إياه أو غيره لا نشهده إلا حين يتم إلقاء القبض على طفل يحاول أن يعبر عن استيائه - أيا يكن سبب استيائه - على جدار منزله، أو مدرسته؟!
هذا السؤال نابع من خوف «مبرر» من تردد تلك الأخبار عن عمليات إلقاء القبض على الشبكات الإرهابية التي تسعى إلى ممارسة الإرهاب، والتي يفرج عنها بعد أسابيع، فيما يرمى سجناء «كلمة الحرية» و»الحقوق» في سجن «القانون» سنوات
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1510 - الثلثاء 24 أكتوبر 2006م الموافق 01 شوال 1427هـ