لن نتفاجأ كثيراً - قدر استطاعتنا - إن كانت نتائج الاستحقاق النيابي نهاية الشهر المقبل ميالة نحو القوى الإسلامية، فـمن جهة، نجد الدين «قوي»، ومن جهة أخرى، ها هي الطائفة «أقوى»، سنية كانت أم شيعية، لا يهم، فالدين دائماً ينتصر.
ولن تزداد نسبة «المفاجآت» أكثر، لو خرجنا بتركيبة نيابية تجيد تمثيل «صراعات الطوائف» على النموذج اللبناني مثلاً، وفي أعلى مستويات البراعة في تمثيل الأدوار، وسيكون للشتائم، وللمعارك البطولية رونقها الخاص أولاً، المزعج الفضائحي على رؤوس أجهزة الإعلام العربية أخيراً.
القوى الليبرالية، المنقلبة على أعقابها - على اختلاف نتائج لبرَنَتِهَا - لن تكون قادرة على الولوج في الشارع البحريني، أما الحجة الملقاة على الشارع المؤسلم حتى أخمص قدميه فستبقى - كالمعتاد - الذريعة المؤجلة، لساعة الهزيمة المقدرة. نختصرها منذ الآن، «عصر التنوير العربي/ الإسلامي لما يأتي بعد».
قد يشفع لليبراليين حلفاؤهم على جانبي الصراع، الحكومي والمعارض، فيحصل كل منهما - ليبراليو السلطة وليبراليو المعارضة - على مقعد، لا يزيد هذا المقعد في تصنيفه الدين سياسي على «صدقة» ولاء مستقبلية، وعلى القوى الليبرالية - من دون بهرجة - أن ترتهن لتلكم الأطراف المتفضلة/ الراعية.
هذا ما يعود بنا إلى الحديث - مجدداً - عن مقولات كبرى كان يروجها البعض بشأن حركة ليبرالية في البحرين، لنتحرى في صدقية هذه الإطلاقات الكليانية تحديداً. هذه الاطلاقات وجهت لها من «اللطمات» ما يكفي، وما يجعل السير قدماً في تحجيمها ونقدها وتفكيكها سلخاً متعمداً للمفاهيم الليبرالية في نسخها الأصلية، لا المحرفة/المشوهة/ المجددة منها، هنا.
على الجانب الآخر، تبدو قوى رأس المال في البحرين متلهفة نحو دعم هذه القوى، ونحو تفعيل أدوارها السياسية في المشهد السياسي العام، إلا أنها - قوى رأس المال البحريني - لم تنجح حتى يومنا الحاضر في الولوج في الشارع السياسي، وفي المساهمة في تشكيل أبعاده وحدوده.
هذا الفاصل بينها وبين الشارع هو نتيجة خلل «مؤسساتي»، في الوقت الذي تعتقد هذه القوى أنها تختنق في عملية ولوجها لخلل في مستوى «الوعي» لدى الشارع الذي تسعى إلى الولوج فيه. الناخبون البحرينيون لا يدلون بأصواتهم للمؤسسات السياسية، قدر ما تنحصر سلوكات التصويت على مؤثرات أخرى، مؤسساتية أيضاً، لكنها اجتماعية، وهنا تجلس تلك الحلقة المفقودة، والحلم الليبرالي المؤجل.
خاضت القوى الليبرالية مع المجلس النيابي السابق صراعات مديدة، وعليها أن تستعد لتصادمات أخرى، تنتظرها. متى ؟ الإجابة: بعد أن يفرغ الإسلاميون - شيعة وسنة - من عراكاتهم البينية، عندها سيكون مجلسنا النيابي كله، ضد نانسي عجرم، ضد التوسع في الحريات الشخصية، ضد اتفاقات التجارة الحرة، ضد الليبرالية نفسها، حكومية كانت أنفاسها الأخيرة، أم مُعَارِضة
العدد 1508 - الأحد 22 أكتوبر 2006م الموافق 29 رمضان 1427هـ