بصدور المرسوم الملكي بتحديد تاريخ الانتخابات البلدية والنيابية في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، بدأ مشهد الاستعداد الفعلي للقوى السياسية والشخصيات ذات الثقل السياسي أو الاجتماعي المحسوبة على الجمعيات السياسية أو المستقلين المعتمدين على رصيدهم الاجتماعي والحماس في خوض التجربة الانتخابية، وهذا المشهد يزداد سخونة يوما بعد يوم.
إن اعتماد المترشحين ينصب أساساً على المنتخبين الذين يحق لهم التصويت والبالغ عددهم أكثر من 295 ألف نسمة، وليس على الجمعيات التي لا يشكل أعضاؤها الفاعلون رقما صعبا ومؤثرا في قرار الناس، إذ إن قناعات الناس ربما تخالف توقعات أعضاء الجمعيات، مع علم الجميع أن بعضا من هذه الجمعيات اعتمدت في اختيار مرشحيها على الأمانات العامة وبالتشاور مع أعضائها في هذا الترشيح، من دون الأخذ في الاعتبار رأي أبناء الدوائر في هذا الاختيار.
وهناك عاملان يجب الأخذ بهما في التأثير على قبول المترشح من عدمه، أولهما أن شعب البحرين مكون من خليط وأجناس شتى، والثاني مناطق البحرين التي تتداخل ببعضها بعضا. فليس من السهل إقناع الناس القاطنين في منطقة ما من دائرة معينة بقبول مرشح من منطقة أخرى إذا لم يحظ بالقبول الاجتماعي حتى لو رشحته أقوى الجمعيات. ولقد ظهر على السطح هذه الأيام حجم الكتلة الانتخابية ومدى تأثيرها في العملية الانتخابية وخصوصا من جانب المجنسين الذين لا يعلم عددهم وجنسياتهم وانتماءاتهم من مصدر رسمي موثوق أو من مصدر محايد. ويمكن لهذه الكتلة الانتخابية التي قدرت زيادتها بـ 17330 ناخبا بحسب ما أوردته صحيفة «الوسط»، أن تستغل لترجيح مترشح ذي توجه معين أو إسقاط مترشح آخر منافس. وباعتبار وجود حساسية في موضوع المجنسين لغياب الشفافية والثقة في الإفصاح عن أعدادهم، فإن تأثير هؤلاء سيكون محدودا وذلك للأسباب الآتية:
أولا، عدم تركز المجنسين في منطقة معينة، إذ تظهر الإحصاءات المنشورة أن الزيادة تبلغ 9480 في المحافظة الشمالية، و6718 في الوسطى، و2392 في المحرق و1039 في الجنوبية، مع العلم أن هناك نسبة كبيرة من المجنسين توجد في المحافظة الجنوبية كالرفاعين، وهذه حقيقة مسلم بها، وكذلك نسبة منهم في المنامة وأجزاء من المحرق.
ثانيا، لا توجد تعليمات صادرة عن أي جهة معينة باستخدام المجنسين في ترجيح مترشحين بعينهم نظرا إلى تباعدهم ووجودهم في مناطق مختلفة من البحرين.
ثالثا، عدم وجود اهتمام لدى المجنسين بالعملية الانتخابية، لأن همهم الأول هو الحصول على الجنسية البحرينية فقط، والحكومة تقوم بتوفير ما يحتاجونه من سكن ووظائف بحسب الشواهد الحية، وإنما سيكون تأثيرهم في حال توجه المترشح نفسه لاستثمار المجنسين في العملية الانتخابية.
رابعا، الاختلاف الواضح في مستوى التفكير والتطلعات والهموم المعيشية بين المواطنين والمجنسين وخصوصا حديثي التجنيس منهم. وعلى رغم اتفاق جميع شرائح الوطن على رفض التجنيس العشوائي الذي يضر بمستوى المعيشة للمواطنين والخدمات بجميع أنواعها وكذلك الخلل في التركيبة السكانية والاجتماعية في المستقبل، إلا أن بعض الجمعيات والشخصيات المستقلة في دوائر محددة تتوجه إلى المجنسين للحصول على أصواتهم من خلال احتضانهم وحل مشكلاتهم واستقبالهم في مجالسهم وخيامهم الانتخابية. كما أن بعضهم يود أن يشعر نفسه بأنه جزء من هذا الوطن - وهذا ليس انتقاصا من حقهم - لذلك يتوجه إلى ناخب معين فإذا استفاد منه أعطاه صوته في الانتخابات.
ويلاحظ أن بعض الدول تستفيد من وجود المجنسين والمهجرين في العملية الانتخابية، ويتوجه المترشحون للحصول على أصواتهم التي تكون ذات تأثير فيها، إلا أننا في البحرين مازال هناك توجس وحذر في التعامل، على رغم أن بعضهم انصهر في المجتمع كالعجم والهولة مثلا الذين تجنس عدد كبير منهم وتطبع بعادات البلد، بينما البعض الآخر من المجنسين مازال بعيدا عن عادات وتقاليد أهل البحرين لذلك مازال يعتبر غريبا على الشعب وعدم القبول به في المجتمع واضح. والسؤال: هل سيكون للمجنسين تأثير على المشهد الانتخابي وكلمة الفصل في الانتخابات المقبلة؟
ما توحي به الإحصاءات أن المجنسين سيكون تأثيرهم محدودا في مناطق محددة من البحرين تعاني من التجنيس العشوائي ولن تتأثر بها الجمعيات التي ستشارك بعد المقاطعة السابقة وكذلك بعض المستقلين. وما ينبغي التأكيد عليه، وما يجب على المترشح الاهتمام به هو إعطاء الأولوية للوطن والمواطن بالدرجة الأولى بعيدا عن الانتماءات السياسية والمذهبية، وما يجب على الناخب البحريني هو إعطاء صوته لمن يطالب بحقه في العيش الكريم والانتماء للوطن والأسرة الواحدة
إقرأ أيضا لـ "حسين خميس"العدد 1505 - الخميس 19 أكتوبر 2006م الموافق 26 رمضان 1427هـ