صناعة البشر، ذلك هو الدور الخطير الذي تضطلع به وزارة التربية والتعليم في مملكتنا، لذلك ولخطورة هذه المهمة الملقاة على عاتقها كان لزاما عليها وعلى القائمين بالدور القيادي فيها التخطيط والتخطيط والتخطيط على كل المستويات: القريبة، المتوسطة والبعيدة. فالأهداف ما كانت ولن تكون آنية فقط أو مرحلية، فهي، إضافة إلى ذلك، بعيدة ربما تجاوزت السنوات بوصفها غاية لها.
وبالنسبة إلى وزارة التربية والتعليم، فلا ينكر أحدُ - ولو كان من أصحاب النظارات السوداء - ما يقوم به المسئولون فيها من جهد وعمل من أجل الرقي الفكري والتربوي والاخلاقي والجسمي لمواطن هذه المملكة ومنذ نعومة أظفاره. ولكن ولما كان ابن آدم عرضة للخطأ - إلا من عصم ربي - ففي اعتقادي أن مسألة طلب المعلمين من الدول العربية الشقيقة لشغر الوظائف في التخصصات التي لم تجد الوزارة متقدما لها من أبناء هذه المملكة، هي خطأ من أخطاء ابن آدم، ومسألة يجب الوقوف عندها لإعادة توجيهها قبل ان تصبح عادة او تقليدا من تقاليد المجتمع التي يصعب التغلب عليها وتغييرها.
وهنا نتساءل، كيف حدث ذلك؟ لماذا لم يتقدم أحد من أبناء المملكة لشغل هذه الوظائف التعليمية؟ أين الخلل؟ من المسئول؟ كيف العلاج؟
في الحقيقة حدث ذلك بعد ان تم ايقاف الدراسة في بعض التخصصات في الجامعة - كنظام الفصل بالنسبة إلى البنين - بحجة اكتفاء الوزارة بل ووجود فائض. نعم، وقد كان هذا صحيحا فعلا قبل بضع سنوات، ولكن ألم يعلم المسئولون بأن هذا الاكتفاء أو هذا الفائض مادام في طريق الاستهلاك فإنه إلى زوال؟ ألم يكن هناك تخطيط بعيد المدى؟ من المسئول عن هذا الخلل: الجامعة أم الوزارة أم كلاهما؟ وهل تم فتح الدراسة في هذه التخصصات المنكوبة؟ وما هي العلاجات المقترحة بجانب استقدام المدرسين العرب من أوطانهم إلى المملكة، وخصوصا أن هذا العلاج لا يخلو من أعراض جانبية خصوصا في نظام معلم الفصل، من حيث عدم ملاءمة لهجة هؤلاء المعلمين للهجة المحلية وصعوبة التواصل اللغوي بين المعلم والتلاميذ الذين يحضرون من بيوتهم بلهجات يصعب حتى على المعلم المواطن فهمها في بعض المناطق.
لذلك، وختاما لهذه اللفتة، أرجو من المسئولين تجاوز هذه الهفوة بحكمتهم واضعين مصلحة المملكة وأهلها فوق كل اعتبار، مع عدم اغفال التخطيط المستقبلي وخصوصا البعيد المدى، حيث أن البعيد عن الناظر بعيد عن الخاطر دائما
العدد 15 - الجمعة 20 سبتمبر 2002م الموافق 13 رجب 1423هـ